إذا باع برذوناً على أنه هملاج فالبيع جائز، وإذا اشترى شاة على أنها حامل، أو اشترى ناقة على أنها حامل، فالبيع جائز ذكره الحسن في بيوعه؛ لأن المشروط صفة من أوصاف البيع؛ لأن الولد ما دام في البطن في حق التصرفات المضافة إلى الأم ألحق بسائر أوصافها من اليد والرجل، فصار اشتراط أنها حامل كاشتراط أنها ذات يد وذات رجل.
وفي ظاهر الرواية لا يجوز؛ لأن الحبل في البهائم زيادة، ولا يدري وجودها وقت البيع، فكان فيه غرراً، فيفسد به البيع كما لو باع معها، وكذا بخلاف ما لو باع برذوناً على أنه هملاج؛ لأن الوقوف على المشروط ممكن وقت البيع بالسر، أما ههنا بخلافه.
ولو باع شاة على أنها حلوب فالبيع جائز كذا ذكره الحسن في «المجرد» وكذا ذكر الطحاوي في اللبون؛ لأن المشروط صفة من أوصاف المبيع، ويمكن الوقوف على وجوده وقت البيع، فصار كما لو باع برذوناً على أنه هملاج، وبه أخذ الفقيه أبو الليث، والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمهما الله. وذكر الكرخي أن البيع فاسد، وهكذا روي ابن سماعة في «نوادره» ، وبه كان يفتي ظهير الدين المرغيناني رحمه الله.
وإذا اشترى جارية على أنها ذات لبن، فهذا وما لو اشترى شاة على أنها لبون سواء.
ووجه ذلك: أن المشروط وإن كان من أوصاف المبيع إلا أن هذا (٦١أ٣) وصف لا يدري وجوده وقت البيع، فكان في البيع غرر فيكون فاسداً، ولو باع شاة على أنها تحلب كذا كذا، فالبيع فاسد باتفاق الروايات؛ لأن المشروط ليس بصفة بهذه الصورة، فإنه لم يقل: على أنها حلوب، وإنما قال: على أنها تحلب كذا كذا، فيكون اشتراط اللبن المحلوب، وإنه مجهول على خطر الوجود فاشتراطه يوجب غرراً في العقد، فيوجب الفساد.
وكذلك لو اشتراها على أنها تضع بعد شهر فالعقد فاسد، وكذلك لو اشترى سمسماً وزيتوناً على أن فيه كذا من الدهن فالعقد فاسد.
وإذا اشترى دابة على أنها ذات أسنان لبن فالشراء جائز؛ لأن المشروط صفة من أوصاف، المبيع والموقوف عليه ممكن وقت البيع.
فهو بمنزلة ما لو اشترى فرساًعلى أنه هملاج، ولو اشترى جارية على أنها حامل، فقد ذكر الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله: أن المشايخ اختلفوا في جواز العقد، بعضهم قالوا: لا يجوز كما لو اشترط الحمل في البهائم، وهذا القائل يستدل بما ذكر محمد رحمه الله في كتاب البيع: إذا باع جارية وتبرأ من الحمل يجوز، فإنما حكم بجواز البيع في الجارية إذا تبرأ من الحمل، فهذا دليل على أنه إذا اشترط الحمل يفسد، وهذا لأن المشروط مما لا يوقف عليه وقت البيع، وقال بعضهم: البيع جائز.
قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله: وهذا القول أصح عندي من قبل أن الحمل في ثبات أدم بعد نقصاناً لا زيادة، فإنه يوجب ضعفاً فيها واشتراط الحمل يكون تنبهياً من العيب، ولا يكون اشتراطاً كقولك: بعتك هذه الجارية على أنها عوراء أو عرجاء،