للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستحقاق بحكم الوجود كالاستحقاق بحكم الشرط في «القدوري» .

وكذلك اشترى جارية على أنها بكر، فإذا هي غير بكر عرف ذلك بإقرار البائع كان للمشتري الخيار لما مر، فلو امتنع الرد بسبب من الأسباب رجع المشتري على البائع بحصة البكارة من الثمن، فتقوم وهي بكر أو تقوم وهي غير بكر، فيرجع بفضل ما بينهما، ولكن من الثمن، ولو شرط الثيابة فوجدها بكراً، فهي له ولا خيار للبائع.

في «القدوري» وإن وقع الاختلاف بين البائع والمشتري، وكان الاختلاف بعد قبض المشتري الجارية، فقال المشتري: لم أجدها بكراً، وقال البائع: كانت بكراً لكن ذهبت البكارة عندك، كان القول قول البائع مع يمينه؛ لأن البكارة صفة أصلية في النساء، فكان المدعي لوجودها وقت التسليم، وهو البائع متمسكاً بالأصل لكن يحلف البائع إليه بالله لقد باعها وقبضها المشتري وإنها بكر.

وليس المراد من قول المشتري: لم أجدها بكراً الامتحان بالوطء فإن الوطء مانع من الرد بالعيب، ولكن معناه إني علمت أنها ليست ببكر بخبرها أو تحيرها، وهذا إذا وقع الاختلاف بعد قبض الجارية.

فأما إذا وقع الاختلاف قبل قبض مشتري الجارية، فقال المشتري: هي ليست ببكر، وقال البائع: هي بكر، فالقاضي يريها النساء بخلاف الوجه الأول؛ لأنه هناك اتفقا على عدم البكارة وقت الخصومة، إنما اختلفا فيما مضي، ورؤية النساء للحال لا يفيد العلم فيما مضى، أما هنا اختلفا في قيام البكارة للحال، ورؤية النساء في الحال يفيد العلم في الحال.

فإن قلن: هي بكر، ذكر في «الجامع» : أنه يلزم المشتري من غير يمين البائع؛ لأن شهادة النساء ههنا تأيدت بمؤيد، فإن البكارة أصل في بنات أدم، وشهادة النساء هي تأيدت بمؤيد صارت كشهادة النساء مع الرجل، ولو قامت شهادة النساء مع الرجال على البكارة لزمت الجارية المشتري من غير يمين البائع كذا ههنا.

ونظير هذا ما قال في كتاب «الاستحسان» : إن امرأة العنين إذا ادعت أنها بكر بعد مضي المدة، وادعى الزوج الوصول إليها، فالقاضي يريها النساء فإن قلن: هي بكر يجبر من غير يمين الزوج، فقد أثبت الفرقة بشهادتهن من غير يمين الزوج لما تأيدت شهادتهن بمؤيد فههنا كذلك، وإن قلن: إنها ليست ببكر يلزم المشتري مع يمين البائع بالله إنها لبكر، ولا ينتقض البيع؛ لأنا جعلنا في الابتداء القول للبائع، فلو ردت الجارية عليه إنما ترد بشهادة النساء بانفرادهن، وشهادة النساء بانفرادهن إذا لم تتأيد بمؤيد غير معتبرة لبناء الأحكام عليها، وهذا على أصل أبي حنيفة رحمه الله ظاهر؛ لأن عنده شهادة النساء حجة ضرورية الثيابة الرد بجواز أنها كانت بنتاً وقت البيع، وعلم المشتري بذلك، ورضي به، فلم تثبت الثيابة بشهادتهن في حق الرد.

فأما على قولهما: فشهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال حجة مطلقة، فينبغي أن يثبت الثيابة بشهادتهن في حق الفسخ، وقد روي عن محمد في «النوادر» في هذا الفصل أنه تثبت الثيابة بشهادتهن في حق الفسخ على قياس قولهما، فعلى هذا يحمل ما ذكر ههنا على أنه قول أبي حنيفة، وفائدة شهادة النساء ههنا على قول أبي حنيفة بوجهين: بوجه

<<  <  ج: ص:  >  >>