للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإشارة تقطع الشركة بين المشار إليه وغيره من جنسه، والتسمية لا تقطع الشركة بين المسمى وبين غيره من جنسه، فاستويا من هذا الوجه؛ إلا أن ما في التسمية من تعريف الماهية فوق ما في الاشارة من التعريف بقطع الشركة بين المشار إليه، وبين غيره من جنسه؛ لأن الماهية مقصودة لعينها.

وقطع الشركة بين المشار إليه وبين غيره من جنسه مقصود لا مكان التسليم لا لعينه، ولا شك أن المقصود لعينه فوق المقصود لغيره، فترجحت التسمية على الإشارة من هذا الوجه، فوجب العمل بها دون الإشارة عند تعذر العمل بهما والتقريب ما ذكرنا.

وإن كان المشار إليه من جنس المسمى إلا أنه يخالفه في الصفة، فالعقد جائز، وللمشتري الخيار إذا رآه كما لو اشترى فصاً على أنه ياقوت أحمر، فإذا هو ياقوت أصفر، فالبيع جاز، وللمشتري الخيار، إذا رآه؛ لأن المشار إليه إذا كان من جنس المسمى، فالعبرة للإشارة؛ لأن المسمى وجد في المشار إليه، وهو المقصود من التسمية وهو تعريف الماهية قد حصل؛ لأن المشار إليه ياقوت كالمسمى، فصار حق التسمية بعضاً بقيت الإشارة لتعيين الذات؛ لأن المسمى شائع في الجنس، والإشارة تعينه، فكان في الإشارة زيادة تعريف في هذه الصورة، فكانت العبرة للإشارة حال اتفاق الجنس، وتلغو التسمية، فكأنه أشار في البيع، ولم يسم، وهناك ينعقد على المشار إليه فهاهنا كذلك إلا أنه يثبت للمشتري الخيار؛ لأنه شرط له زيادة وصف في المشار إليه حيث قال: على أنه أحمر كأنه قال من الابتداء: بعتك هذا على أنه أحمر، فإذا وجده أصفر، فقد فات الوصف المذكور في المشار إليه، فلهذا كان له الخيار، وصار كما لو قال: بعتك هذا على أنه كاتب أو خباز، ولم يسم العبد فوجده غير كاتب، وغير خباز، وهناك يجوز العقد، ويكون للمشتري الخيار، وكذا هاهنا إذا ثبت هذا، جئنا إلى بيان مسألتنا، وأنها على القياس والاستحسان.

وبيان وجه الاستحسان: أن الذكر مع الأنثى من بني آدم جنسان مختلفان؛ لأن اختلاف المجانسة بين الشيئين باختلاف الصورة، والمقصود في بني آدم مختلفة، وهذا ظاهر كذلك المقصود مختلف، فإن ما ينبغي من الذكر من الزراعة والجهاد لا ينبغي من الأنثى من الغزل والطبخ والاستفراش لا ينبغي من الذكر، وصار كالمروي مع الهروي، وكان كالزندنجي مع الوداري اعتبرا جنسين مختلفين لاختلاف الصورة والمقصود، وكذا هاهنا، وإذا ثبت أن الذكر مع الأنثى من بني آدم جنسان مختلفان يتعلق العقد بالمسمى، والمسمى معدوم فكان البيع باطلاً.

ولو اشترى شاة على أنها نعجة، فإذا هي ضأن فالبيع جائز؛ لأن الذكر مع الأنثى في البهائم جنس واحد؛ لأن الصورة، وإن كانت مختلفة فالمعنى واحد؛ لأن ما ينبغي من الذكر من العمل والأكل ينبغي من الأنثى، وفي منفعة الولاد يشتركان والمقصود راجح على الصورة، فترجح ما يوجب اتحاد الجنس، فجعلنا الجنس واحداً، وقد ذكرنا أن في الجنس الواحد العبرة للإشارة كأنه أشار ولم يسم، وهناك ينعقد العقد كذا هاهنا، ثم ما

<<  <  ج: ص:  >  >>