للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر القدوري المسألة على هذا الوجه، وهكذا روى ابن سماعة عن محمد، وأشار محمد إلى العلة فقال: لأنه باع مافي الثوب من الصبغ كما باع الثوب وشرط ذلك الصبغ عصفر، وتبين أنه غيره وهو شيء قائم في الثوب.

وفي «المنتقى» : إذا باع ثوباً على أنه مصبوغ بعصفر، فإذا هو أبيض فالبيع جائز، ويتخير المشتري إن شاء أخذ بجميع الثمن، وإن شاء ترك.

في «البقالي» : وهذا بخلاف بيعه أبيض، فإذا هو مصبوغ حيث لايجوز.

قال في «البقالي» : وكذلك شراء الدار على أن لا بناء فيها، فإذا فيها بناء يريد أن هذا وبيع الثوب على أنه أبيض، فإذا هو مصبوغ سواء حتى لايجوز، وإذا باع أرضاً على أن فيها نخيلاً وأشجاراً، فإذا ليس فيها نخيل وأشجار فالبيع جائز، ويتخير المشتري كما لو باع داراً على فيها بناء، فإذ لا بناء فيها، وإذا باع أرضاً بنخيلها وأشجارها فهذا وما لو باعها على أن فيها نخيلاً وأشجاراً سواء، وكذا إذا باع داراً بسفلها وعلوها، فإذ لا علو لها كان للمشتري الخيار؛ لأنه قال: بسفلها وعلوها، فكأنه قال: على أن لها علواً، وهناك للمشتري الخيار كذا هاهنا.

وإذا قال: بعتك هذه الدار بأخداعها وأبوابها وخشبها، فإذا ليس فيها أخداع ولا أبواب ولا خشب فهو بالخيار، وإن كان فيها بابان أو خدعان، فلا خيار له؛ لأن اسم الجمع يتناول اثنين فصاعداً، فقد وجد أدنى ما ينطلق عليه الاسم أنه كاف لإسقاط الخيار، ولو كان فيه باب واحد وخدع واحد فله الخيار؛ لأن اسم الجمع لا ينطلق على الواحد.

ولو قال: بعتكها بما فيها من الأخداع والأبواب والخشب والنخل، فلم يجد شيئاً من ذلك فلا خيار له؛ لأن في هذه الصورة لم يشترط هذه الأشياء في البيع، ولا جعلها صفة للبيع بل أخبر على وجودها فيه، وانعدام ما ليس بمشروط في البيع ولا صفة للمبيع لايوجب الخيار، أما في قوله: بأخداعها وأبوابها جعل هذه الأشياء صفة للدار، فالبيع يتناول الموصوف بصفة، فإذا لم يجده بتلك الصفة يثبت الخيار ضرورة هذه الجملة من «المنتقى» .

وفيه أيضاً: إذا اشترى أرضاً على أن فيها كذا نخيلاً، أو اشترى داراً على أن فيها كذا بيتاً، أو اشترى سيفاً على أنه محلى بمئة درهم فضة، أو اشترى نعلاً على أنها مشركة بشراك، أو خاتماً على أن له فصاً من ياقوت، أو فصاً على أنه مركب في حلقة، فإذا لا نخيل ولا شراك ولا بيوت إلخ أفكانت هذه الأشياء كما شرطت، فاحترق النخيل، وانهدمت البيوت، وتلف الشراك وأشباه ذلك قبل القبض، فالمشتري بالخيار في هذه الصورة إن شاء أخذ الباقي بجميع الثمن، وإن شاء ترك إلا في خصلة، وهو ما إذا اشترى فصاً على أنه مركب في حلقة ذهب، فلم توجد الحلقة، فإن هذه الصورة للبيع فاسد؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>