فكان أن لايرضى بهذا، وإن قال: زن لي من هذا الجنب، أو من هذه الرجل ثلاثة أرطال بكذا، فوزن له منه، فلا خيار له؛ لأن اللحم من موضع معين من الشاة قلما يتفاوت، فهو بمنزلة ما لو اشترى قفيزاً من صبرة.
ولو قال: زن لي ما عندك من هذا اللحم على (٦٤ب٣) حساب ثلاثة آرطال بدرهم، فهو جائز، ولا خيار له قال الحاكم أبو الفضل رحمه الله: ذكر بشر بن الوليد عن أبي يوسف في هذه المسالة مثل ما قال محمد.
وفي «نوادر هشام» : عن محمد: رجل اشترى من آخر جراب ثياب هروي أو غيرها، أو اشترى قوصرة تمر فلم يقبضها حتى عمد البائع، وأخرج الثياب من الجراب، وأخرج التمر من القوصرة، ثم باع الجراب أو القوصرة، وترك التمر أو الثياب، أو لم يبع الجراب والقوصرة، ولكنه انتفع بها قال: المتاع والتمر لازم للمشتري وليس له أن يمتنع عن الثياب والتمر لمكان الجراب والقوصرة.
اشترى جارية بكراً ولم يسم البائع أنها بكر، فزالت بكارتها في يد البائع، فللمشتري الخيار، وقد ذكرنا وجه ذلك في فصل الخبازة.
وإذا اشترى من آخر رمان على أنها حامضة، فقال بعد الشراء من غير أن يكسرها: إنها حلوة وقال البائع: إنها حامضة، فالقول قول البائع؛ لأن الرمانة قد يكون حلوة وقد يكون حامضة، وروي في الحلو بخلاف هذا، فقد روي أن من اشترى من أخر رمانة على أنها حلوة، ثم اختلفا فيه، فالقول قول المشتري، وعلى البائع أن يوفيه شرطه، والمسألتان في بيوع «المنتقى» .
إبراهيم عن محمد: إذا اشترى من آخر من بر، فإذا فيه وكان عظيم أو باع بئراً من بر وقال: إنه كذا كذا ذراعاً، فإذا هو أقل من ذلك، وقد أكل بعض البر، فنقول: حكم المسألة قبل أكل شيء من البر أن المشتري بالخيار، وإن شاء أخذ بجميع الثمن وإن شاء ترك، وبعد أكل شيء من البر للمشتري أن يرد الباقي ومثل ما أكل، ويرجع بجميع الثمن، وروي هشام عن أبي يوسف مثل ماروي إبراهيم عن محمد.
قال: ولو كان طعاماً في قفيز أو في حب، فباعه بعشرة دراهم، فإذا نصفه بين قال: يأخذه بالثمن وأشار إلى الفرق، فقال: لأن القفيز والحب وما يكال بهما، ألا ترى لو قال: بعت منك ملاء هذا القفيز أو ملاء هذا الحب يجوز والبيت والبئر ما يكال بهما ولا يشتري بهما.
وإذا باع داراً على أنها ألف ذراع فكانت تسعمائة، فباعها المشتري قال: إن لم يرجع على الأول فالأول لا يرجع على صاحبها، وإن رجع الآخر عليه رجع هو أيضاً.
قيل: يجب أن يكون تأويل المسألة: أن المشتري باعها قبل أن يعلم أنها تسعمائة، أما لو علم أنها تسعمائة وباعها كذلك، فلا رجوع له على صاحبه، وإن رجع المشتري الآخر عليه.
وعلى هذا إذا اشترى طشتاً أو ملئها، اشترى حبة لؤلؤة وشرط لها وزناً وتقابضا،