ابن سماعة عن أبي يوسف: رجل اشترى عبداً شراء فاسداً وقبضه وزوجه امرأة حرة على مهر مسمى فدخل بها ولم ينقد المهر، ثم خاصم البائع المشتري في فساد البيع، فإن القاضي ينظر فيما لزمه من النفقة لما مضى والمهر، فإن بلغ ذلك قيمة العبد فالبائع بالخيار إن شاء أخذ القيمة وسلم العبد للمشتري، وإن شاء أخذ عبده ولم يرجع بشيء، وإن لم يبلغ ذلك قيمته أخذ العبد وأخذ ما نقصه يقوّم على هذه الحالة ويقوم وليس عليه دين والنكاح جائز على كل حال والمهر الذي في رقبته العبد فالمشتري ضامن للمرأة على كل حال؛ لأنه عاد لها، فإن لزم العبد دين عبد البائع بعد ما نقص البيع من نفقة امرأته لم يرجع بذلك على المشتري.
ولو عمي العبد عند المشتري، فإنه ينقض البيع ويرد المبيع على البائع، وللبائع أن يضمنه ما نقصه العمي، وإن شاء ترك العبد على البيع وضمنه القيمة، وهذا كله قول أبي يوسف ومحمد، وعلى قياس قول أبي حنيفة إذا أخذ البائع العبد فلا شيء له.
وفي «نوادر ابن سماعة» : عن أبي يوسف: رجل اشترى من آخر عبداً شراء فاسداً، ثم إن المشتري أذن له في التجارة فلحقه دين، ثم إن البائع خاصم المشتري في استرداد القيمة، فإنه يرد العبد عليه ولا سبيل للغرماء عليه ويضمن المشتري الأقل من قيمة العبد ومن الدين يعني للغرماء.
وعنه أيضاً: فيمن اشترى جارية شراء فاسداً وقبضها المشتري وزوجها من رجل، ثم فسخ البيع بينهما يحكم بالفساد وأخذها البائع مع ما نقصها التزويج، ثم إن الزوج طلقها قبل الدخول بها كان على البائع أن يرد على المشتري ما أخذ من النقصان، قال: ألا ترى أنه لو لم يكن تزويج ولكن ابيضت إحدى عينيها في يدي المشتري، ثم إن المشتري ردها ورد معها نصف القيمة، ثم ذهب البياض وعادت إلى الحالة الأولى، فإن البائع يرد على المشتري ما أخذ من نصف القيمة وطريقه ما قلنا.
وفي «نوادر ابن سماعة» : رجل قال لغيره: اشتريت منك عبدك هذا بهذا السمن في هذا الزق فباعه إياه بذلك الزق بحضرتهما ففتحه، فإذا لا شيء فيه وقد قبض المشتري العبد وأعتقه فالعقد جائز كأنه اشتراه بالسمن ولم يسم ما هو، وكذلك لو قال: اشتريته منك بهذا الثوب وأشار إلي يريد أن ثوبه وهما يعلمان أنه ليس في ذلك الموضع ثوب.
قال محمد في «الجامع» : رجل اشترى من أخر جارية شراء فاسداً وقبضها بإذن البائع فأراد البائع أن يستردها بحكم فساد البيع فأقام المشتري بينة أنه باعها من فلان بكذا، فإن صدقه البائع فيما قال ضمنه قيمتها؛ لأنهما تصادقا على أنه تعذر ردها لخروجها عن ملك المشتري، وإن كذبه البائع فيما قال: كان للبائع حق استرداد الجارية؛ لأن حق البائع قد ثبت في الاسترداد بحكم فساد البيع.
فلو امتنع الاسترداد إنما يمتنع بحكم هذه البينة وتعذر القضاء بهذه البينة لما فيها من القضاء على الغاصب من غير أن يكون عنه خصم حاضر، فإن استرد البائع الجارية، ثم حضر الغائب وصدق المشتري فيما قال كان للذي حضر أن يسترد الجارية من البائع الأول؛ لأن التصديق يستند إلى وقت الإقرار؛ لأن ذلك الإقرار وقع صحيحاً؛ لأنه حصل المعلوم.