للمضارب: شرطت لك ثلث الربح وزيادة عشرة، وقال المضارب: شرطت لي الثلث فالقول قول المضارب، وقد اختلفا في نوع العقد.
قلنا: هناك اتفقا على عقد واحد ابتداء وهو الشركة، فإن المضارب ادعى ذلك ورب المال أقر له بذلك ابتداء المال شرطت لك نصف الربح؛ لأن قوله: وزيادة عشرة مقطوعة عن أول الكلام فلا يتوقف أول الكلام عليه، فكان هذا من رب المال دعوى عقد آخر بعد الإقرار بوجود عقد واحد فلا يصدق في دعواه، بخلاف قوله إلا عشرة؛ لأن هذا استثناء أول الكلام يتوقف على الاستثناء.
فأما إذا اختلف الزوجان في النكاح باشراه بأنفسهما أنه كان في حالة الصغر أو بعد البلوغ فيه، كان القول قول من يدعي النكاح في حالة الصغر؛ لأن هناك ما اتفقا على وجود العقد بل اختلفا في وجوده؛ لأن عبارة الصغير فيما يضره أو يتردد بين الضرر والنفع ملحق بالعدم.
كعبارة المجنون، فكان المدعي للنكاح في حالة الصغر منكراً وجود النكاح فكان القول قوله. وإن كان بمنزلة ما لو قالت: تزوجتني قبل أن أحلق، أو قال الرجل: تزوجتك قبل أن أحلق، وقال الآخر: لا بل بعد الحلق، أما ههنا اتفقا على وجود النكاح، فإنهما اتفقا أنهما كانا من أهل العقد حال ما باشرا العقد، وإنما اختلفا في صحته وفساده.
ذكر في «المنتقى» بشر عن أبي يوسف في «الإملاء» : رجل ادعى عبداً في يدي رجل لي اشتريته من صاحب اليد بألف درهم، وقال صاحب اليد: بعته منه بألف درهم وشرطت عليه أن لا يبيعه أو ما أشبه ذلك من الشروط التي تفسد البيع فالقول قول المشتري، وإن كان مدعي الشرط هو المشتري فالقول قول البائع؛ لأنهما اتفقا على وجود العقد واختلفا في صحته وفساده ومدعي الفساد لا يدفع عن نفسه استحقاق مال على العبارة الأولى، وعلى العبارة الثانية اتفقا على وجود عقد واحد واختلفا في صحته وفساده فيكون القول قول من يدعي الصحة.
فإن قال مدعي الشراء: اشتريت عبدك هذا بعبدي هذا وقال البائع: بعته منك بألف درهم ورطل من خمر، أو قال: بألف درهم وخنزير فأقاما البينة فالبينة بينة البائع، وإذا ادعى للبائع أن الثمن كله خمر أو خنزير فأقاما البينة فالبينة بينة المشتري.
والحاصل: أنه إذا اتفقت بينة البائع والمشتري على ذكر ما يصلح ثمناً وأثبت أحديهما شرطاً زائداً يفسد به البيع، كما إذا اتفقا أن البيع كان بألف درهم وزادت أحديهما خنزيراً أو رطلاً من خمر فالبينة بينة الفساد، وإذا اختلفا في ذكر ما يصلح ثمناً فأثبت أحديهما ما يصلح ثمناً بأن قال: كان البيع بألف درهم أو بهذا العبد، وأثبتت الأخرى ما لا يصلح ثمناً بأن قالت: الثمن كله خمر أو خنزير فالبينة بينة الصحة.
وذكر المعلى عن أبي يوسف: رجل باع من آخر داراً، ثم قال: بعتها بيعاً صحيحاً فاسداً، وقال المشتري: اشتريتها شراء صحيحاً فإني أقول للبائع: كيف بعته فإني أقول