القبض، فإنه لو كان هلك أحدهما قبل القبض وقبض المشتري الآخر، ثم اختلفا كانا يتحالفان؛ لأن المانع من التحالف عند أبي حنيفة إذا هلك أحدهما بعد القبض تعذر الفسخ في الحي بالتحالف؛ لأن الفسخ بالتحالف نظير الفسخ بخيار الرؤية وبخيار الشرط، ولا يملك المشتري الفسخ في القائم بعد هلاك أحد العبدين في يده بخيار الشرط وبخيار الرؤية، لما فيه من تفريق الصفقة على البائع قبل التمام، فكذا بالتحالف، فأما متى كان أحدهما مالكاً في يدي البائع قبل القبض أمكن المشتري رد ما قبض بخيار الرؤية وبخيار الشرط، فأمكنه الفسخ بالتحالف.
وإذا ثبت هذا فنقول: متى رضي البائع أن يأخذ الحي ولا يأخذ من ثمن الميت شيئاً فقد جعل ما هلك في يد المشتري كالهالك قبل القبض؛ لأن من حكم هلاك المبيع قبل القبض أن لا يكون على المشتري ثمنه ويأخذ الحي لا غير، فصار للهالك في يد المشتري بهذه الصفة كالهالك قبل القبض من حيث الحكم.
ولو هلك أحدهما قبل القبض حقيقة يتحالفان في الحي، فكذلك إذا جعل هالكاً قبل القبض حكماً لما رضي البائع أن يأخذ الحي، ولا يأخذ من ثمن الميت شيئاً.
وأبو يوسف رحمه الله مر على أصله أيضاً، فإن من أصله أن هلاك المعقود عليه يمنع التحالف وقد هلك بعض المعقود عليه وبقي البعض فيمتنع التحالف في الهالك ويكون القول قول المشتري في حصة الهالك لا في القائم هذا كما قلنا في الإجارة، وإذا اختلفا في مقدار الأجر بعد استيفاء بعض المنفعة دون البعض يتحالفان فيما لم يستوف من المنفعة وفيما استوفى وهلك جعل القول قول المستأجر مع يمينه فكذلك هذا؛ وهذا لأن المقصود من التحالف الفسخ ليعود كل واحد منهما إلى رأس ماله وانفسخ، إن تعذر في الهالك لم يتعذر في القائم.
ألا ترى أنه لو وجد بالقائم عيباً رده، ولو وجد بالهالك عيباً لا يرده فكذا هذا.
ثم ذكر في «الكتاب» : أن على قول أبي يوسف رحمه الله القول قول المشتري في حصة الميت، ويتحالفان ويترادان في العبد القائم، ولم يذكر لغيبة التحالف على مذهبه فمن مشايخنا من قال: يقسم الثمن أولاً على قيمة العبدين فيخص الحي ألف درهم على زعم البائع، وعلى زعم المشتري خمسمائة، وإذا كان قيمتهما سواء فيحلف المشتري بالله ما اشتريته بألف درهم كما يدعيه البائع، فإن نكل ثبت ما ادعاه البائع وإن حلف لم يثبت، ثم يحلف البائع بالله ما بعته بخمسمائة كما يدعيه المشتري، فيتحالفان في القائم على حصته ولا يتحالفان في جملة الثمن، فإذا تحالفا فسخ العقد على الحي إن طلبا أو طلب أحدهما ذلك، ورد المشتري الحي على البائع، وسقط عن المشتري حصته.
ثم يحلف المشتري على حصة الهالك بالله ما اشتريته بألف درهم، فإن نكل لزمه ما ادعاه البائع من حصة الهالك وذلك ألف درهم، وإن حلف لزمه ما أقرّ به وذلك خمسمائة درهم، ومن المشايخ من قال: لا بل يتحالفان في جملة الثمن فيحلف البائع بالله ما بعتهما بألف درهم كما يدعيه المشتري ويحلف المشتري، بالله ما اشتريتها بألفي