للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقع في ثمن القائم يوجب التحالف؛ لأنا لو جعلنا القول قول المشتري في الحال وأخذ بمقابلة العبد بثلثي المائة، فإذا حلفناهما على الجارية فعلى تقدير أن يحلف البائع وينكل المشتري يثبت كون ثمن العبد خمسين ديناراً ويجب على المشتري رد الزيادة على الخمسين على البائع فلاحتمال ردّ الزيادة على الخمسين على تقدير نكول المشتري.

قلنا: أن يأخذ في الحال قدر ما اتفقا عليه بمقابلة العبد وذلك خمسون ديناراً حتى لا يلزمنا نقض قضاء القاضي في الزيادة على الخمسين؛ لأن صيانة قضاء القاضي عن النواقض واجبة ما أمكن، ثم اختلافهما على الجارية، فإن حلفا ترادا ويرجع المشتري على البائع ونكل المشتري ثبت كون ثمن العبد خمسين ديناراً فبعد ذلك ينظر إن كان المشتري حين ردّ العبد أخذ العبد من البائع خمسين ديناراً لا سبيل له على البائع ولا للبائع عليه، وإن كان أخذ زيادة على الخمسين رد الزيادة على البائع وإن حلف المشتري ونكل البائع ثبت أن ثمن العبد ثلثا المائة فيرجع المشتري على البائع إلى تمام ثلثي المائة، ثم إن محمداً رحمه الله أوجب التحالف في الجارية من غير ذكر خلاف، وإنه مشكل على قول أبي حنيفة؛ لأن العقد ههنا انعقد على الجارية وعلى العبد وقد زال العبد عن ملك المشتري.

ومن مذهب أبي حنيفة: أن العقد إذا انعقد على شيئين وزال أحدهما عن ملك المشتري بالبيع أو الهلاك واختلفا في مقدار الثمن لا يتحالفان في الباقي، والجواب عن هذا أن يقال: خروج بعض المبيع عن ملك المشتري إنما يمنع التحالف في الباقي عنده إذا كان الخروج لا إلى ملك البائع؛ لأن الفسخ بالتحالف مانع تمام الصفقة والرؤية ثبتت لجهالة أوصاف المبيع فكان في فسخ العقد في أحدهما بالتحالف تفريق الصفقة على البائع قبل التمام، وإنه لا يجوز، وهذا المعنى لا يتأتى في مسألتنا؛ لأنهما عادا جميعاً إلى ملك البائع.

قال في «الكتاب» : ألا ترى أن على قول أبي حنيفة: لو هلك أحد العبدين في يد البائع قبل القبض، ثم اختلفا في مقدار الثمن يتحالفان في الباقي؛ لأن الأول هلك على ملك البائع فلو ورد الأمر عليه بسبب الفسخ بالتحالف لا يؤدي إلى تفريق الصفقة فههنا كذلك، ولو ماتت الجارية في يد المشتري قبل أن يتحالفا يحلف المشتري ما ادعى البائع من ثمن الجارية فقد جعل القول قول المشتري ولم يوجب التحالف، وهذا على قول أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن عندهما هلاك السلعة يمنع التحالف.

فأما عند محمد فالتخالف يجري عند هلاكهما فعند هلاك أحدهما أولى، ثم إذا حلف المشتري عندهما إن حلف ثبت أن ثمنها ثلث المائة وثمن العبد ثلثا المائة، ولو نكل المشتري عن اليمين ثبت أن

<<  <  ج: ص:  >  >>