للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقد وفسد بها البيع في قول أبي حنيفة.

وقال أبو يوسف ومحمد: لا تصح الزيادة، ثم في موضع تصح الزيادة من المشتري تصح من الأجنبي؛ لأن المشتري لا يملك بمقابلة الزيادة شيئاً لم يكن مملوكاً له فكان الأجنبي في هذا كالمشتري غير أن الزيادة من المشتري تصح بمطلق الإيجاب ومن الأجنبي إنما تصح إذا أضاف الإيجاب إلى ماله أو ذمته أو أضاف الضمان إلى نفسه، أما بدون أخذ هذه الأوصاف لا تصح، وإنما كان هكذا؛ لأن مطلق الزيادة ثمناً إنما يكون على من وقع له الثمن والثمن وقع للمشتري وله ولاية على نفسه فيصح، فأما لا ولاية لأجنبي على المشتري فلا يقع إيجاباً على المشتري بل يقع إيجاباً على الأجنبي فلا يصح إلا على الوجه الذي قلنا:

وهو نظير ما قلنا في الخطاب بالطلاق على مال، أنه يصح من الأجنبي كما يصح من المرأة؛ لأن المرأة بالطلاق بمال لا تملك شيئاً؛ لأن حقها في مالكيتها وحريتها وذلك باقي لكن يبطل به حق كان للزوج، وقد بطل ذلك مع الأجنبي أيضاً لكن يصح من المرأة مطلقاً ومن الأجنبي، لا يصح ما لم يصف الإيجاب إلى مال نفسه أو ذمته.

ثم الزيادة من الأجنبي لا تخلو إما أن تكون مطلقاً أو مقيدة بالثمن، وإما أن تكون مشروطة في العقد أو ملحقة بها، وإما أن تكون الزيادة بأمر المشتري أو بغير أمره، فإن كانت الزيادة مشروطة في العقد فإن كانت بغير أمر المشتري وكانت مطلقة غير مقيدة بالثمن.

وصورتها: رجل ساوم رجلاً له بألف درهم وأبى المالك إلا أن يبيعه بألف وخمسمائة فقال أجنبي لصاحب العبد: بعه إياه بألف على أني ضامن لك خمسمائة من الثمن سوى الألف فباعه إياه بألف ولم يشرطه شيئاً في البيع فالبيع جائز والخمسمائة التي ضمن الرجل للبائع باطل، وإن كانت مقيدة بالثمن.

وصورتها: إذا قال الأجنبي لصاحب العبد: بعه بألف درهم على أني ضامن لك خمسمائة من الثمن سوى الألف فباعه إياه جاز ووجب الألف على المشتري والخمسمائة على الأجنبي، وفي مسألة «الجامع الصغير» وإنما جاء الفرق بين المسألتين؛ لأن في المسألة الأولى لا يمكن أن يجعل كلام الأجنبي زيادة في الثمن؛ لأنه قال: على أني ضامن لك خمسمائة سوى هذه الألف والألف هو الثمن فكأنه قال: سوى الثمن فلا يمكن أن يجعل هذا زيادة في الثمن بقي هذا شرطاً للزيادة مطلقاً وشرط الزيادة مطلقاً التزام المال بلا سبب، والتزام المال بلا سبب رشوة حرام.

أما في المسألة الثانية: جعل الخمسمائة من جملة الثمن والثمن اسم لما يستحق بالبيع فخرج به من أن يكون رشوة.

فوضح الفرق بينهما: أن في المسألة الأولى لو كان المشتري هو الذي قال ذلك للبائع لا يلزمه الخمسمائة، وفي المسألة الثانية لو كان المشتري هو الذي قال ذلك للبائع يلزمه الخمسمائة فظهر الفرق بينهما.

وفرق آخر وهو: أنه إذا قال من الثمن فقد أضاف الإلتزام إلى ما بعد الوجوب؛ لأن الثمن اسم للواجب بالبيع وإضافة الكفالة إلى ما بعد الوجوب بل التزم المال في

<<  <  ج: ص:  >  >>