الثمن على العبدين، ثم تدخل الزيادة في حصة العبد الذي زيدت فيه، وكذلك إذا زاد جارية في ثمن أحدهما بغير عيبه جاز وكان للمشتري أن يضيفها إلى أيهما شاء وكذلك إذا زاد عرضها.
نوع آخر في الحط والإبراء عن الثمن وفي هبة الثمن من المشتري
حط الثمن صحيح ويلتحق بأصل العقد عندنا كالزيادة، غير أن بين الحط والزيادة فرق من وجهين:
أحدهما: أن الحط صحيح سواء بقي المبيع محلاً للمقابلة أو لم يبق، بخلاف الزيادة على الرواية؛ لأن الحط إخراج ما تناوله وله الحط من أن يكون ثمناً للحال وتستند إلى حال كمال العدم يشترط له قيام الثمن لا قيام البيع، فأما الزيادة فإثبات صورة المقابلة للحال وتستند إلى حال كمال الثبوت فيشترط لها قيام المبيع بشرط أن يكون محلاً للمقابلة.
الثاني: إن من اشترى عبدين صفقة واحدة بألف درهم، فحط عنه المشتري مائة كان الحط نصفين، ولو زاد المشتري في هذه الصورة مائة يقسم الزيادة على قدر قيمتها.
والفرق: أن الحط يكون من الثمن ولا تعلق له بالمبيع، فإذا قال: حططت عن ثمنها مائة، فقد أدخلهما في الحط على السواء، فانقسم الحط عليهما نصفان بخلاف الزيادة في الثمن؛ لأنهما تقابل المبيعين، وقد قابلهما بهما، والمقابلة تقتضي الانقسام على المبيعين باعتبار القيمة، وإذا وهب بعض الثمن من المشتري قبل القبض أو أبرأه عن بعض الثمن قبل القبض فهو حط أيضاً.
وإن كان البائع قد قبض الثمن، ثم حط البعض أو وهب البعض بأن قال: وهبت منك بعض الثمن صح ووجب على البائع رد مثل ذلك على المشتري.
ولو قال: أبرأتك عن بعض الثمن بعد القبض لا يصح الإبراء، وكان يجب أن لا تصح الهبة والحط بعد القبض أيضاً كالإبراء؛ لأن المشتري قد برئ عن الثمن بالإبقاء، فالحط أو الهبة لم تصادف ديناً قائماً في ذمة المشتري، فينبغي أن لا يصح كالإبراء.
والجواب: أن الدين باق في ذمة المشتري بعد القضاء؛ لأنه لم يقض عين الواجب حتى لا يبقى في الذمة إنما قضى مثله فيبقى ما في ذمته على حاله، إلا أن المشتري لا يطالب به؛ لأن له مثل ذلك على البائع بالقضاء، فلو طالب البائع المشتري بالثمن كان للمشتري أن يطالب البائع أيضاً، فلا يفيد مطالبة كل واحد منهما صاحبه.
فعلم أن الثمن باق في ذمة المشتري بعد القضاء بالهبة والحط كل واحد منهما صادف ديناً قائماً في ذمة المشتري كان ينبغي أن يصح الإبراء أيضاً، إلا أنه لم يصح؛ لأن الإبراء نوعان:
إبراء بالإستيفاء وإبراء بإسقاط الواجب، ولهذا يقال: أبرأه براءة قبض واستيفاء كما يقال: أبرأه براءة اسقاط، فإذا أطلق البراءة إطلاقاً انصرفت إلى البراءة من حيث القبض؛ لأنه أقل، وإذا انصرف إليه صار كأنه قال: أبرأتك براءة قبض واستيفاء ولو نص على هذا