وفي «الفتاوى» : إذا شرط للمشتري خيار يومين بعد شهر رمضان والشراء في آخر رمضان، فالشراء جائز وله الخيار ثلاثة أيام، اليوم الآخر من شهر رمضان ويومين بعده؛ لأنه سكت عن الخيار وقت العقد، فيمكن تصحيح هذا العقد باشتراط الخيار وقت العقد ويومين بعد رمضان، ولو قال: لاخيار له في رمضان فالبيع فاسد؛ لأنه تعذر تصحيح هذا العقد.
وعن أبي يوسف: أنه إذا باع بيعاً وشرط الخيار لنفسه يوماً بعد سنة، فالبيع جائز ولا خيار له في السنة، فإذا مضت السنة فله الخيار يوماً.
وإذا باع من آخر ثوباً بعشرة دراهم ثم إن البائع قال للمشتري: لي عليك الثوب أو عشرة دراهم، قال محمد رحمه الله: هذا عندنا خيار، وإذا باع على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما، فالبيع جائز والشرط جائز، هكذا ذكر محمد رحمه المسألة في «الأصل» ، واعلم بأن هذه المسألة على وجوه:
إما إن لم يبين الوقت أصلاً بأن قال: على أنك لم تنقد الثمن فلا تبيع بيننا أو بين وقتاً مجهولاً بأن قال: على أنك إن لم تنقد الثمن أياماً في هذين الوجهين العقد فاسد، وإن بين وقتاً معلوماً إن كان ذلك الوقت مقدراً بثلاثة أيام أو دون ذلك، فالعقد جائز عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله، والقياس يأبى جواز العقد مع هذا الشرط، وبه أخذ زفر؛ لأنه شرط لايقتضيه البيع، فإنه شرط الفسخ متى لم ينقد الثمن ثلاثة أيام وفيه منفعة للبائع، فإن المبيع يعود إلى ملكه متى لم ينقد المشتري الثمن ثلاثة أيام.
لكن ترك القياس فيما إذا كان الوقت مقدراً بثلاثة أيام بحديث عبد الله بن عمر، فإنه روي أنه لو باع بأمة له من رجل على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام، فلا بيع بينهما، والمروي عن الصحابة فيما لايعرف قياساً كالمروي عن النبي عليه السلام، ولأن هذا شرط متعامل فيما بين الناس يشترطون ذلك فيما بينهم لدفع العين عن أنفسهم متى لم ينقد المشتري الثمن، والقياس يترك بالتعامل.
وإن ترك المدة أكثر من ثلاثة أيام قال أبو حنيفة: البيع فاسد، وقال محمد: البيع جائز. قال شيخ الإسلام: سوى أبو حنيفة بين هذا وبين خيار الشرط، فلم يجوّز أكثر (من) ثلاثة أيام فيهما، ومحمد سوى بينهما أيضاً، فجوز فيهما أكثر من ثلاثة أيام، ولم يذكر محمد قول أبي يوسف.
يقول في رجل قال لآخر: بعتك عبدي هذا بألف درهم فإن لم تأتي بالثمن إلى سنة، فلا شيء بيني وبينك، قال: هذا فاسد وليس هذا بمنزلة الخيار، قال: على هذه الرواية لو نقد المشتري الثمن في الثلاث، وقال للبائع: خذه فلا أريد تأخيره، فإني أجبره، فهذه الرواية دليل أن أبا يوسف في هذه الصورة جوز البيع بهذا الشرط.
والفرق له على هذه الرواية بين هذا الشرط وبين شرط الخيار أن القياس يأبى الجواز مع هذا الشرط ومع شرط الخيار، وإنما تركنا القياس في الوضعين بالنص، والنص مقيد بثلاثة أيام، وفي شرط الخيار ورد النص بالزيادة على ثلاثة أيام.