للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبيع صار شيئاً آخر ولو لم يكن في البيع خيار البيع، فالبيع باق والمشتري بالخيار، إن شاء أخذ وإن شاء ترك؛ لأنه لو بقي البيع لا يلزم المشتري إلا إذا شاء، وهذا جائز بعد تغيير المبيع.

وفي «نوادر عيسى بن أبان» عن محمد: رجل باع من رجل أرضاً بعبد على أن البائع بالخيار وتقابضا، ثم تناقضا العقد، فالأرض في يد المشتري مضمونة بالقيمة لما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله، ويكون لمشتري الأرض أن يحبس الأرض من البائع إلى أن يرد العبد عليه، وإن أذن بائع الأرض للمشتري في زراعتها خرجت الأرض من الضمان وصارت عارية للبائع في يد المشتري، وللبائع إن يأخذها متى شاء، وإن كان المشتري زرع الأرض كان للمشتري أن يمسكها بأجر المثل ويمنع البائع عنها إلى أن يستحصد الزرع.

وإن أراد المشتري بعد زرعها أن يمنع الأرض من البائع حتى يسترد العبد ليس له ذلك؛ لأنه حين زرعها بإذنه فكأنه سلمها إليه.

وإن أبى المشتري أن تكون الأرض في يده بأجر المثل إلى وقت إدراك الزرع وكره قلع الزرع أيضاً وأراد تضمين رب الأرض الزرع كان له ذلك إذا كان قد أذن له في زراعتها إلى أن يدرك الزرع إلا أن يرضي البائع أن يترك الزرع فيها حتى يستحصد بغير شيء.

وإن كان الخيار للبائع في عبد باعه فقال البائع للعبد: أنت حر إن دخلت الدار، وقال: إن دخلت الدار فأنت حر لم يكن هذا نقضاً للبيع، وكذلك إذا قال للعبد: أنت حر أو هذا العبد الآخر ذكر المسألة في «المنتقى» .

وروى بشر عن أبي يوسف: إذا باع عبداً على أن البائع فيه بالخيار ثلاثة أيام، ثم قال له: أنت حر أو هذا العبد لم يكن هذا نقضاً للعقد، فإذا مضى أجل الخيار (لم يكن له) أن ينقض البيع (و) وجب البيع وعتق العبد الآخر.

وفي «المنتقى» أيضاً: إذا باع فعرض المبيع على البيع ذكر شمس الأئمة الحلواني أنه (إن) كان بغير محضر من صاحبه لا ينفسخ البيع، وبعض مشايخنا قالوا: العرض على البيع من البائع ليس بفسخ على كل حال وإليه مال الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي، وذكر شيخ الإسلام في «شرحه» أن فيه روايتين.

وفي «المنتقى» عن محمد: البائع إذا عرض المبيع على البيع لا يبطل خياره وعلل فقال: لأن نقضه لا يجوز بغير محضر من المشتري، فهذا التعليل يشير إلى أن العرض على البيع لو كان بمحضر من المشتري أنه يكون نقضاً للبيع.

وإذا هلك المبيع في يد البائع انفسخ البيع سواء كان الخيار للبائع أو المشتري، وإن هلك في يد المشتري والخيار للبائع إن هلك في الأيام الثلاثة فعلى المشتري قيمته، وإن هلك بعد مضي الأيام الثلاثة فعلى المشتري الثمن؛ لأن بمضي المدة تم العقد ولزم الثمن فلا ينفسخ بالهلاك في يد المشتري بعد ذلك، فيبقى الثمن لازماً، فأما (إذا) هلك في الأيام الثلاثة فقد انفسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>