للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الأصل» ، بعض مشايخنا قالوا: هذا إذا لم يمكنه الرد والسقي والإعلاف إلا بالركوب.

ويدل على هذا التأويل ما ذكر في «السير الكبير» في فصل العيب إن جوالق العلف إذا كان واحداً فركبها مع الجوالق لا يكون رضاً بالعيب؛ لأنه (لا) يمكنه حمل الجوالق الواحد إلا بالركوب، ولو كان جوالقين فركب يكون رضاً، لأنه يمكن حملها بدون الركوب.

ومن مشايخنا من قال: الركوب إذا كان لأجل الرد لا يسقط الخيار وإن أمكنه الرد بدون الركوب، بخلاف الركوب للسقي والإعلاف.

والقاضي ركن الاسلام علي السغدي والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي على أن الركوب للسقي والإعلاف رضا لما ذكرنا في «الأصل» ؛ لأن الركوب للسقي وحمل العلف من أمر الرد لأنه لو لم يسقها ولم يعلفها تهلك أو نتقض فلا يمكنه الرد، وربما تكون الدابة جموحاً لا يمكن ضبطها إلا بالركوب فكان الركوب من أسباب الرد فلا يمنع الرد.

ولو قص حوافر الدابة أو أخذ من عرقها فليس برضا؛ لأنه نقض وإتلاف جزء منها فيعتبر بإتلاف سائر الأجزاء، ولو كانت شاة فجز صوفها ذكر في «المنتقى» أنه يسقط، ولو كانت شاة فحلبها أو شرب لبنها فهو رضا هكذا ذكر في القدوري؛ لأن اللبن زيادة عنها والزيادة منفصلة عنها، والزيادة المنفصلة تمنع الرد بالعيب عندنا فكذا بخيار الشرط.

وفي صلح «الفتاوي» : رواية عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: إذا اشترى شاة أو بقرة على أنه بالخيار فاحتلب لبنها فقد انقطع خياره، وذكر «البقالي» قول محمد في هذا كقول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: هو خياره حتى يشرب لبنها أو يستهلكها.g

ولو حجم الغلام أو سقى دواء أو حلق رأسه فهو رضا، وعن أبي يوسف في الدابة وحجامة الغلام أنه لا يسقط خيار المشتري. وفي المنتقى والأخذ من الشعر ليس برضا، وعن محمد رحمه الله: إذا أمر الغلام بجز رأسه يعني رأس الغلام فهو ليس برضا، إلا أن يريد به الدواء، وكذا الطلى وكذا غسل الرأس واللحية.

وفي «المنتقى» : إذا احتجم الخادم بأمر المشتري فهو رضا، وفي موضع آخر إذا رأى المشتري الغلام يحجم الناس بأجر فسكت فهو رضا، وإن كان يحجم بغير أجر فهذا ليس برضا، هذا بمنزلة الخدمة، ألا ترى أن المشتري لو قال له: أحجمني لا يكون رضا، ولو كان الخيار للبائع فاحتجم الغلام بإذن المشتري فهذا ليس ينقص إذا كان نفسه المشتري. قال في «المنتقى» : أيضاً: وأمر الخادم ليحمل شيئاً ليس برضا هذا من الخدمة. ولو أمر الجارية بمشط أو دهن أو لبس فهو ليس برضا أيضاً، وكذا إذا علق عنقها بشرط لا يسقط خياره ما لم تعتق بحكم اليمين.

ولو اشترى أرضاً فيها حرث اشترى الأرض مع الحرث أو حصده أو فصل منه شيئاً سقط خياره؛ لأن السقي للإستنماء وإنه دلالة الاختيار وبالقطع ينقبض المعقود عليه، وذلك مانع من الرد فيسقط خياره ضرورة، ولو سقى من نهرها دوابه أو شرب بنفسه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>