للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله في كتاب البيوع، وفي القسمة لا يسقط خيار الشرط وفي الحالين.

غير أن محمداً وضع المسألة وفي القسمة في الدوام على السكنى اتفاقاً، وإن كان في الدار ساكناً بأجر فباعها البائع برضاه وشرط الخيار للمشتري فترك المشتري وأساء العلة فقد سقط خياره؛ لأنه أخذ عوض المنافع وإنما يجب عوض المنافع لمن كان ملك المنافع إنما يملك الأصل فكان أخذ العوض على تقدير ملك الأصل.

وسئل أبو بكر عمن اشترى كتاباً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ثم إنه انتسخ منه لنفسه لا يبطل خياره، كالنساج إذا نظر في نقش الديباج لا يبطل خياره، ألا ترى أن من انتسخ من كتاب المبسوط ولم يرفعه لا يصير غاصباً، وإن قلب أوراقه قيل له: لو درس منه ولم يكتب قال: يبطل خياره؛ لأن شراء الكتاب للدراسة يكون لا للانتساخ، وكذلك لو انتسخ لغيره لا يبطل أيضاً قال الفقيه: ولو قيل يبطل الخيار بالانتساخ دون الدراسة كان له وجهاً؛ لأن في الدراسة امتحان لينظر إلى صحته، فصار كاستخدام العبد وفي الكتابة استعمال، قال الفقيه: وبه نأخذ.

وإذا بيعت الدار بجنب الدار المشتراة بشرط الخيار للمشتري، فأخذها المشتري بالشفعة فقد سقط خياره، وإذا كان الخيار للمشتري فأبرأه البائع عن الثمن لم يصح الإبراء في قول أبي يوسف، وروي عن محمد: أنه إذا أجاز البيع نفذ الإبراء.

فوجه قول أبي يوسف: أن هذا إبراء عن دين غير واجب فلا يصح كما قبل العقد، وجه قول محمد: أن المشتري لما أجاز البيع، استند وجوب الثمن إلى أصل العقد فكان إبراء عن دين واجب، وإذا كان الخيار للمشتري فقال المشتري للبائع: إن أردها إليك اليوم فقد رضيتها فهذا القول باطل، وله أن يردها بخيار الشرط.

وكذلك إذا قال: إن لم أفعل كذا فقد أبطلت خياري، ولو لم يقل هكذا ولكن قال: أبطلت خياري غداً، وقال: إذا جاء غداً فقد أبطلت خياري فهذا جائز قال: لأن هذا وقت كائن لا محالة.

ولو قال بعد ما اشترى وشرط الخيار لنفسه شهراً: إن لم آتك بالثمن فيما بيني وبين ثلاث فلا يمتنع بيني وبينك فهو على ما قال كان ذلك، قال في أصل العقد وكذلك إذا قال: إن لم آتك بالثمن إلى سنة فقد نقضت البيع فيه.

وفي «نوادر هشام» قلت لمحمد: رجل اشترى قرية وفيها قناة غزيرة اشتراها وماءها على أنه بالخيار كيف يصنع بماء القناة؟ قال: يدعه يذهب، قلت: إن لم يصرف الماء يفسد، قال: يوكل البائع رجلاً لصرفه.

وإذا كان الخيار للمشتري فولدت الجارية في يده، أو أثمرت النخلة، أو باضت الدجاجة، فقد سقط خياره؛ لأن فائدة الخيار الرد وقد تعذر الرد؛ لأنه وجه إلى رد الأصل بدون الزيادة يبقى مبيعاً في يده بلا ثمن ولا وجه إلى رد الأصل مع الزيادة؛ لأن العقد لم يرد عليها فكيف يرد الفسخ عليها.

وفي «البقالي» : ولا يسقط الخيار بالولد الميت والبيضة الفاسدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>