للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه القياس: أن بحدوث العيب فيهما هلك جزء منهما والجزء معتبر بالكل ولو هلكا معاً شاع الأمانة والضمان فيهما، فكذلك إذا هلك جزء منهما.

وجه الاستحسان: وهو أن خيار التعيين لم يسقط بحدوث العيب بهما؛ لأن المبيع محل لابتداء البيع فيكون محلاً للبيان، وإذا بقي خيار التعيين صح تعينه، فتعين عينه للبيع فيه، ومن ضرورة تعينه للبيع تعين الأخر للأمانة وتعيب الأمانة في يد الأمين لا يوجب عليه ضماناً بخلاف ما إذا ماتا؛ لأنه سقط خيار التعيين بموتهما؛ لأن الهلاك محلاً لابتداء البيع فيه، فلا يكون محلاً للتعيين، وإذا سقط خيار التعينين استحكمت الجهالة فكان طريق رفعها التوزيع والشيوع فلهذا لزمه نصف ثمن كل واحد منهما بخلاف ما نحن فيه، (٨٥أ٣) ثم هل يشترط أن يكون في هذا العقد خيار الشرط مع خيار التعيين اختلف المشايخ فيه. منهم من قال: يشترط وهو المذكور في «الجامع الصغير» .

فقد ذكر فيه اشترى ثوبين على أنه بالخيار يأخذ أيهما شاء وهو بالخيار وثلاثة أيام منهم من قال: لا يشترط وهو المذكور في «الأصل» و «الجامع» ، فإنه ذكر هذه المسألة في «الأصل» ولم يذكر خيار الشرط وهذا القائل يقول: إذا لم يذكر خيار الشرط يلزم العقد في أحدهما ولا يردهما، وإذا ذكر لا يلزم العقد في أحدهما وله أن يردهما، وذكر الكرخي هذه المسألة في كتابه ولم يذكر فيها خيار الشرط، وذكر أن له أن يردهما؛ لأن هذا الخيار عنده في معنى خيار الشرط ولهذا يشترط التأقيت فيه هذا إذا حصل البيع بشرط الخيار للمشتري، فإن حصل البيع بشرط الخيار للبائع، فإن قال البائع: بعتك أحد هذين الثوبين على أني بالخيار عيَّن البيع في أحدهما دون الآخر، لم يذكر محمد رحمه الله هذه المسألة ههنا ولا في بيوع «الأصل» .

وذكر الكرخي في «مختصره» : أنه يجوز استحساناً قالوا، وإليه أشار في «المأذون» ؛ لأن هذا بيع يجوز مع خيار الشرط، فيجوز مع خيار البائع قياساً على خيار الشرط.

وذكر في «المجرد» : أنه لا يجوز هذا العقد مع خيار المشتري إنما يجوز بخلاف القياس باعتبار الحاجة إلى اختيار ما هو الأرفق بحضرة من يقع الشراء له، وهذا المعنى لا يتأتى في جانب البائع؛ لأنه لا حاجة له إلى الخيار لاختيار الأرفق؛ لأن المبيع كان معه قبل البيع فيرد جانب البائع إلى ما يقتضيه القياس هذا إذا باع أحدهما وشرط الخيار للمشتري ليأخذ أيهما شاء.

ولو لم يشترط الخيار للمشتري إنما باعه أحد الثوبين أو أحد العبدين بعشرة مثلاً، فإنه لا يجوز هذا العقد؛ لأن المبيع مجهول جهالة تفضي إلى المنازعة المانعة من التسليم، فإذا دفعها البائع إلى المشتري فماتا عند المشتري ضمن نصف قيمة كل واحد منهما؛ لأن أحدهما يبيع ملكه المشتري بالقبض بحكم الفاسد وصار مضموناً عليه بالقيمة، والأخر أمانة في يده وليس أحدهما بأن يجعل أمانة على التعيين بأولى من الآخر، وبيع الأمانة والضمان فيهما، ولو مات أحدهما قبل صاحبه يتعين الأول للعقد، كما في البيع الصحيح لو مات أحدهما قبل صاحبه يتعين الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>