للوكيل أن يرجع على الآمر بالثمن مدفوعاً إليه؛ لأن المشتري بإقراره أن الآمر رضي أقر على نفسه بسقوط حقه في الخيار ووجوب الثمن، وعلى الآمر بالرجوع بالثمن، فإذا أنكر الآمر الرضا صح إقرار الوكيل في حقه، ولم يصح إقراره في حق الآمر وصار وجود هذا الإقرار في حق الآمر وعدمه بمنزلة، ولو عدم فقال الآمر في مدة الخيار: كنت فسخت والبائع حاضر كان القول قوله؛ لأنه حكي أمراً يملك استئنافه للحال، ومن حكى أمراً يملك استئنافه للحال، فإنه يصدق فيما حكى، هذا إذا قال الآمر مدة المقالة في مدة الخيار، فأما إذا قال هذه المقالة بعد مدة الخيار فإن البيع يلزمه، ولا يكون مصدقاً فيما حكى؛ لأنه حكى مالا يملك استئنافه للحال فلزمه البيع بمضي المدة، لا بإقرار المشتري.l
ومما يتصل بهذا النوع: إذا باع الوصي أو الأب شيئاً من مال الصغير وشرط الخيار لنفسه فهو جائز، فإن بلغ الصبي في مدة الخيار تم البيع وبطل الخيار في قول أبي يوسف، وقال محمد في ظاهر الرواية: ينتقل الخيار إلى الصبي، فإن أجاز البيع في مدة الخيار، وإن رد بطل، وجه قول أبي يوسف أن الخيار إنما يثبت حقاً للعاقد، لكونه من حقوق العقد وقد تعذر استيفاؤه بعد البلوغ لانقطاع الولاية فيسقط، ولا ينتقل إلى غير العاقد كما لا ينتقل إلى غير الوارث بعد موت المورث.
وجه قول محمد: أن الخيار من حقوق العقد والعقد وقع للصغير فكذا الخيار، إلا أنه كان يستوفيه بنفسه لعجزه، فإذا قدر على الاستيفاء بالبلوغ يستوفيه، نظيره الملك، فإن الملك فيما يشتريه الأب والوصي للصغير يقع للصغير، إلا أنه كان يَتَصرف في ملكه بنفسه لعجزه، فإذا قدر على التصرف بالبلوغ فلا كذا ههنا.
إذا ثبت أن الخيار للصبي بعد البلوغ على قول محمد يقول ليس للوصي أن يجيز وله أن يفسخ؛ لأن ولاية الإجازة بحكم الخيار ولم يبق له الخيار بعد البلوغ لانقطاع الولاية، أما يَملك الفسخ؛ لأنه لما شرط الخيار فقد بين أنه لم يرض بالتزام العهدة إلا عند وجود الإجازة منه، فإذا انعدمت الإجازة منه كان له أن يفسخ دفعاً للعهدة عن نفسه، ويجوز أن يثبت حق الفسخ للإنسان، وإن لم يكن له ولاية الإجازة كالفضولي إذا باع مال الغير كان له الفسخ قبل إجازة المالك، ولا يكون له أن يجيز كذا هنا.
وفي «النوادر» عن محمد ثلاث روايات، قال في رواية مثل ما قال أبو يوسف، وقال في رواية: ينتقض العقد؛ لأنه تعذر القول ببقائه مع الخيار وبدون الخيار، وقال في رواية: ينتقل الخيار إلى الصبي، واختلفت الروايات عن محمد في مضي المدة، قال في رواية: يلزم العقد لاستحالة بقاء الخيار بعد المدة، وفي رواية لا يلزم إلا بإجازته؛ لأن عنده الإجازة في معنى إنشاء العقد، فيجعل البلوغ الطارئ على العقد قبل الإجازة بمنزلة المقارن للعقد، ولو كان مقارناً للعقد بأن باع فضولي مال الغير وشرط الخيار لنفسه لا يلزم العقد من غير إجازة المالك، وإن مضت مدة الخيار فهنا كذلك.
ولو باع المكاتب وشرط الخيار لنفسه فعجز في الثلاث تم البيع في قولهم؛ لأن