وجهين أما إن اشتراهما بثمن واحد بأن قال هذا بعشره وهذا بعشرة وفي هذا الوجه لاخيار له لأنه عالم بأوصاف المعقود عليه حالة الشراء حيث سوى بينهما في الثمن لأن ذلك دليل على أنهما كانا مستويين في الوصف وإذا كانا مستويين في الوصف كان عالما بأوصاف المعقود عليه حالة الشراء، وأما ان اشتراهما بثمن مجهول مختلف بأن قال: هذا بعشرة، وفي هذا الوجه له الخيار لأن التفصيل في الثمن دليل على أن أحدهما أجود من الآخر ولم يعلم وقت الشراء أن الذي قاتله العشرين جيد أو رديء ولو قال: أخذت أحدهما بعشرين ولم يُسَلَّم أيهما هو، فإن هذا فاسد لأن المبيع مجهول جهالة يوقعهما في المنازعة، ولو اشترى شيئا قد رآه وعلم وقت الشراء أنه ذلك الشيء، فلا خيار له إلا أن يكون قد تغير عن الحال الذي رآه عليه، وإن ادعى المشتري، التعيين فالقول قول البائع مع يمينه لأن المشتري يدعي عرضاً والبايع ينكر، قالوا: وهذا إذا كانت المدة قريبة يعلم أنه لايتغير في تلك المدة، فأما إذا كانت المدة بعيدة فالقول قول المشتري، لأن الظاهر يشهد له وإليه مال شمس الأئمة السرخسي، قال: أرأيت لو كانت جارية رآها فاشتراها بعد ذلك بعشرين سنة، زعم البائع أنها لم تتغير أكان يصدق على ذلك؟ لاشك أنه لايصدق، وبه كان يفتي الصدر الشهيد حسام الدين والشيخ الإمام ظهير الدين المرغيتاني.
وخيار الرؤية يمنع تمام الصفقة حتى أن من اشتري من آخر عدل زطي ولم يره فقبضه وحدث ثبوت عيب فليس له أن يرد منه شيئاً بختار الرؤية، لأنه عجز عن ردها بعيب في يده فلو رد شيئا من الباقي تفرقت الصفقة على البائع قبل التمام وأنه لا يجوز، وكذلك لو لم يتعيب شيء منه وأراد أن يرد بعض الأثواب دون البعض ليس له ذلك، لأن فيه تفريق الصفقة على البائع قبل التمام، ثم إنما منع خيار الرؤية تمام الصفقة لأنه إنما يثبت بسبب جهالة وصف المعقود عليه، وبجهالة أصل المبيع ووصفه أثر في منع الجواز ولزومه، بأن اشترى ثوبا من جملة الثياب لابعينه فجهالة الوصف مع العلم بالأصل في منع اللزوم دون الجواز، عملاً بالدليلين بقدر الإمكان، واذا امتنع اللزوم لم تكن الصفقة تامة، لأن اللزوم من أحكام الصفقة وليس للمشتري أن يخير قبل الرؤية حتى أنه لو أجازه ثم رآه فله أن يرده، ويجوز له أن يفسخ وإن لم يره عند عامة المشايخ، وهكذا روى بشر ابن الوليد عن أبي يوسف في «الأمالي» وهكذا ذكر في «شرح الطحاوي» وفي «القدوري» وهو الصحيح.
والفرق وهو أن صحة الفسخ تعتمد عدم لزوم العقد، والعقد ههنا غير لازم ليمكن الخلل في الرضا، أما ولاية الإلزام تعتمد تمام الرضا، وإنما يتم الرضا بعد العلم بأوصاف المعقود عليه وإنه يتحقق قبل الرؤية، والرد بخيار الرؤية فسخ قبل القبض وبعده، حتى لايحتاج فيه إلى قضاء القاضي ولا إلى رضا البائع، لكن لايصح هذا الرد إلا بمحضر من البائع عند أبي حنيفة ومحمد، أما الرضا به يصح بعد الرؤية بمحضر من البائع وبغير محضر منه بالاتفاق، والرضا به على ضربين: رضا بالصريح ورضا بالدلالة،