للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا يجوز، كقوله تعالى: {اقْتُلُواْ يُوسُفَ} (يوسف: ٩) فقال بكشند يوسف لا، فإنه لا يجوز وتفسد صلاته، والصحيح أنه يجوز في الكل، والله أعلم.

ولو اعتاد القراءة بالفارسية أو أراد أن يكتب المصحف بالفارسية منع من ذلك أشدّ المنع، وإن فعل ذلك في آية أو آيتين لا يمنع من ذلك، ذكره شمس الأئمة السرخسي في «شرح الجامع الصغير» ، ولو كتب القرآن وكتب تفسير كل حرف وترجمته تحته؛ روي عن الفقيه أبي حفص رحمه الله لا بأس بهذا في ديارنا؛ لأن معانِ القرآن وفوائدها لا يضبطها العوام إلا بهذا، وإنما يكره هذا في ديارهم؛ لأن القرآن نزل بلغتنا.

إذا قرأ الرجل في صلاته شيئاً من التوراة أو الإنجيل أو الزبور لم تجز صلاته، سواء كان يحسن القرآن أو لا يحسن، علل فقال: لأن هذا كلام وليس بقرآن ولا تسبيح، والذكر الذي يجري في الصلاة إما قرآن أو تسبيح وما يجري مجراه، قال عليه السلام: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتهليل وقراءة القرآن» قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني حاكياً عن استاذه القاضي الإمام هذا رحمهما الله، هذا التعليل من محمد يشير إلى أنه لا بأس للجنب أن يقرأ شيئاً من هذه الكتب؛ لأن محمداً رحمه الله حطه درجة عن درجة التسبيح حيث قال: لأن هذا ليس بقرآن ولا تسبيح، ثم لا بأس للجنب أن يسبح؛ فلأن لا يكون له بقراءة هذه الكتب بأساً من (باب) أولى.

وفي «النوادر» : ويكره للجنب قراءة التوراة.

ووجه ذلك: أنه منزل كالقرآن فيكره للجنب قراءته كالقرآن، وعن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن هذا فقال، إن عرف أنه منزل لم يقرأه الجنب، قال شمس الأئمة هذا رحمه الله، ونحن لا نعلم أنها كيف أنزل، لأنهم حرفوها وغيروها، فينبغي أن لا ينهى عن قراءتها، ثم قال رحمه الله: وجدت في بعض النسخ أنه إن كان ما قرأ من التوراة وأشباهها مؤدياً للمعنى الذي في القرآن يجوز في قول أبي حنيفة.

وإن لم يكن مؤدياً المعنى الذي في القرآن لا شك أنه لا يجزيه عن صلاته، ولكن هل تفسد صلاته؟ ينظر: إن علم أنه هو التوراة الذي أنزل على موسى لا تفسد صلاته؛ لأنه بمنزلة التسبيح إلا أن يكون ذكر قصة، فحينئذٍ تفسد صلاته؛ لأنه كلام الناس، وكثير من مشايخنا اختاروا ما حكاه شمس الأئمة الحلواني عن بعض النسخ أن ما قرأ في صلاته من التوراة: إن كان موافقاً لمعنى القرآن جازت صلاته في قول أبي حنيفة؛ لأن العبرة عنده للمعنى، والله أعلم.

من هذا الفصل في المتفرقات

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى: في رجل قرأ في الأوليين من

<<  <  ج: ص:  >  >>