للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد خروج الوقت؛ إذ لا يجد بجماعة بعد خروج الوقت، وإذا لم يجب أداء الصلاة بالجماعة لا تنوب إلى إقامة سنّة الجماعة، وهي الجهر، ومنهم من قال: كلاهما سواء، والجهر أفضل ليكون القضاء على حسب الأداء، وهذا أصح.

واختلف مشايخنا في حدّ الجهر والمخافتة، قال الشيخ أبو الحسن الكرخي: أدنى الجهر أن يسمع نفسه وأقصاه أن يسمع غيره، وأدنى المخافتة تحصيل الحروف، وقال الفقيه أبو جعفر رحمه الله، والإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري: أدنى الجهر أن يسمع غيره وأدنى المخافتة أن يسمع نفسه، وعلى هذا يعتمد. والله أعلم.

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في إمام يصلي في رمضان أو غيره، ويقرأ من المصحف، فصلاته فاسدة عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله لا تفسد صلاته ويكره، وعند الشافعي رحمه الله لا يكره، حكي عن الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني أنه قال: هذه المسألة دليل على أن الصحيح من مذهب أصحابنا أنه لا بأس بذكر رمضان مطلقاً من غير التقيد بالسهو، وإن مذهبهم بخلاف مذهب مجاهد.

ألا ترى أنهم ذكروا رمضان هنا مطلقاً من غير تقييد حجة الشافعي في المسألة حديث ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها أنه كان يؤم عائشة رضي الله عنها في رمضان، وكان يقرأ من المصحف، ولو كان مكروهاً لما رَضِيْت به، وأن النظر في المصحف عبادة، والصلاة أيضاً عبادة، فقد أضافت عبادة إلى عبادة فلا تكره، يبقى هذا العذر أنه نسبة بأهل الكتاب، فإنهم يفعلون كذلك، ولكن لا كل ما يفعله أهل الكتاب يكره.

ألا ترى أنهم يقرؤون عن ظهر قلب، ونحن نقرأ كذلك أيضاً ولا يكره، ومما احتجا بجواز الصلاة بحديث ذكوان أيضاً؛ ولأن الواجب قراءة القرآن مطلقاً، وقد قرأ القرآن، فيجوز كما لو قرأ عن ظهر القلب؛ وهذا لأن المفسد إنما يكون محل المصحف أو النظر فيه، أو تقليب الأوراق وحمل المصف لا يصلح مفسداً، فإن حمل ما هو أكثر من ذلك لا تفسد، فإن النبي عليه السلام كان يصلي وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه، وكان يضعها إذا سجد ويرفعها إذا قام، والنظر في المصحف لا يصلح مفسداً كالنظر إلى نقوش المحراب بل أولى؛ لأن النظر في المصحف عبادة، والنظر إلى نقوش المحراب ليس بعبادة، وتقليب الأوراق عمل يسير لا يقطع الصلاة، إلا أنه يكره؛ لأنه يشبه أهل الكتاب في صلاتهم فيما عنه بد بخلاف القراءة عن ظهر القلب؛ لأنه لا بد منه، فصار كالصلاة....، فإنه يكره لأن.

ولأبي حنيفة رحمه الله وجهان: حمل المصحف وتقليب الأوراق، والنظر فيه عمل كثير والصلاة منه بد فتفسد الصلاة، فعلى هذا الوجه نقول: إن كان المصحف بين يديه على رجل وهو لا يحمل، ولا يقلب الأوراق تصح صلاته، وكذلك لو قرأ آية مكتوبة على المحراب تصح صلاته عند أبي حنيفة رحمه الله على قياس هذا التعليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>