للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الطريق فأمره القاضي برفعها لم يرجع على البائع بشيء ولم يرد الدار، ليس هذا من حقوقه الواجبة هذا في طريق المسلمين.

وإن كان له باب في الطريق الأعظم وباب في طريق غير نافذ، فأقام أهل ذلك الطريق بينة أنهم أعادوا لبائع هذا الطريق فأمره القاضي بسده وقضى عليه فهو بالخيار إن شاء رد الدار وإن شاء رجع بنقصان ذلك الطريق.

رجل مات وترك ابنين وداراً فأدعى أحد الابنين أن أباه كان باع هذه من هذا الرجل بألف درهم وأنكر ذلك الرجل والأبن الآخر، فأقام ابن المدعي البينة على ما ادعى، فإني أقضي على الرجل بنصف الثمن وأقضي له بنصف الدار حصة الذي ادعى البيع، ولا خيار له في رده وليس هذا كالاستحقاق لنصف الدار؛ لأني إنما نقضت البيع ههنا في النصف لجحود المشتري، ولو ادعى لأجزت البيع فيه.

قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : في رجل ادعى حقاً في الدار وأنكر المدعى عليه ذلك، ثم إن المدعى عليه صالح المدعي على مائة يأخذها المدعي صح الصلح عندنا. هذه المسألة تبتني على أصلين: أحدهما: أن الصلح عن الحقوق المجهولة إذا كان لا يحتاج فيها إلى التسليم جائز عندنا. والثاني: أن الصلح على الإنكار جائز عندنا والمسألة معروفة.

ثم إذا صح الصلح لو استحقت الدار من يد المدعى عليه إلا ذراعاً منها لم يرجع عليه بشيء. ولو كان المدعي يدعي كل الدار وباقي المسألة بحالها يرجع على المدعي بحصته ما استحق عن المائة. والفرق: أن في المسألة الأولى الاستحقاق غير مناقض أصلاً؛ لأن الصلح وقع عن حقوق مجهولة، واسم الحق يتناول ما بقي في يد المدعى عليه بعد الاستحقاق، فيمكن للمدعي أن يقول للمدعى عليه: عنيت بالدعوى السابق هذا القدر الذي بقي في يدك، وإذا لم يكن الاستحقاق مناقضاً للصلح أصلاً لا يكون له حق الرجوع على المدعي بشيء. وأما في المسألة الثانية الاستحقاق مناقض للصلح بقدره وقع عن كل الدار على مائة، فلابد وأن ينتقض الصلح بقدر ما استحق، فيرجع على المدعي بحصة ذلك.

قال في «الجامع الصغير» أيضاً: في عبد لرجل مقر له بالعبودية باعه من رجل، وقد قال العبد للمشتري: اشترني فإني عبد له فاشتراه، فإذا هو حر لا سبيل للمشتري على العبد إذا كان البائع غايباً غيبة منقطعة معروفة، وإذا كان البائع لا يدرى أين هو رجع المشتري على العبد بالثمن، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا رجوع للمشتري على العبد بالثمن بحال، ووجه ذلك: أن ضمان الثمن وجوبه بالمعاقدة أو بالكفالة عن المعاقدة ولم يؤخذ شيء من ذلك بالعبد، إنما الموجود منه الإخبار بكونه عبداً، وإنه لا يوجب ضمان الثمن، ألا ترى أن أجنبياً لو قال للمشتري: اشترى هذا العبد، فإذا هو حر لا يرجع المشتري عليه بالثمن وطريقه ما قلنا، ألا ترى أن العبد إذا قال لرجل: ارتهني فإني عبد فارتهنه، فإذا هو حر لا يرجع المرتهن على العبد بدينه؟ كذا ههنا.

وجه «ظاهر الرواية» : أن العبد ضمن للمشتري سلامة نفسه أو سلامة الثمن من

<<  <  ج: ص:  >  >>