الصغير ما ثمنه عشرة بدرهم جاز، وإن اشترى له ما ثمنه درهم بعشرة لا يجوز، وفي «الأصل» سوى بين البيع والشراء فلم يجوزهما في هذه الصورة وأشباهها؛ لأن تصرف الأب مقيد بشرط عدم الضرر فقد تحقق الضرر ههنا. وعلى هذه الرواية فرق بين البيع والشراء، فلم يجوز الشراء لمكان التهمة؛ لأن الأب يضيف الشراء إلى نفسه من حيث إنه اشترى لنفسه، فلما وجد فيه عيباً أظهر الشراء للابن، ومثل هذه التهمة لا يجوز ... في جانب البيع، والداعي إلى النفاذ موجود لينفذ.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: في رجل باع عبد ابنه الصغير من رجل بألف درهم، ثم قال في مرضه: قد قبضت من فلان الثمن، ثم مات في مرضه لم (أقبل) إقراره، علل فقال: لأنه كان ضمن لابنه ألف درهم في مرضه أو أقر بها له في ماله، ومعنى هذا الكلام أن الأب بإقراره بالاستيفاء من المشتري أقر للابن بمقدار الثمن في ماله، وإقرار المريض لابنه لا يرجع، فصار وجوده كعدمه، وكان للوصي أن يأخذ الثمن من المشتري كما لو لم يوجد هذا الإقرار من المريض. ولو كان قال في مرضه: قد قبضتها من فلان فضاعت كان مصدقاً، ولو قال: قبضتها واستهلكتها لم يكن مصدقاً ولا يبرأ المشتري منها؛ لأنه لما ادعى الضياع مما أقر للابن شيئاً من ماله بخلاف ما إذا ادعى الاستهلاك، ولا يكون للمشتري إذا أخذ منه الثمن أن يرجع به على الأب أو في ماله؛ لأن ذلك الإقرار قد بطل، وإقرار قد بطل لا شيء عليه الحكم.
وفي «المنتقى:» اشترى من ابنه الصغير عبداً والعبد في يد الأب، فمات العبد فهو من مال الأبن حتى يأمره الوالد بعمل أو بقبضه بمنزلة عبد اشتراه وهو وديعة عنده، وهذا؛ لأن العبد في يد الأب أمانة وقبض الأمانة لا ينوب عن قبض الشراء.
وفي الباب الثاني من بيوع «الجامع» : إذا أرسل غلامه في حاجته، ثم باعه من ابنه الصغير جاز ولا يصير الأب قابضاً عن ابنه بمجرد البيع، حتى لو هلك قبل أن يرجع إلى الوالد، فذلك من الوالد، بخلاف ما إذا وهبه منه حيث يصير قابضاً له عن الأبن بقض الهبة حتى لو هلك الغلام قبل أن يعود، فذلك من مال الولد، وإن لم يمت الغلام في مسألة البيع حتى رجع إلى الوالد وتمكن من قبضه صار قابضاً له عن ولده، وإن كان الولد لم يبلغ بعد، وإن لم يرجع الغلام حتى بلغ الولد، ثم رجع إلى الولد وتمكن الوالد من قبضه لا يصير قابضاً له عن ولده حتى لو هلك هلك على الوالد.
والأصل أن الأب إذا اشترى لابنه الصغير شيئاً، فما دام الأبن صغيراً فحق القبض للأب، وإذا بلغ الأبن كان الأب قد اشترى من الأجنبي فحق القبض للأب، وإن كان قد اشترى من نفسه فحق القبض للابن.
وفي «الهاروني» : إذا باع الأب داره من ابنه في عياله والأب ساكن فيها لا يصير الأب قابضاً حتى يفرغها الأب، حتى لو انهدمت الدار والأب فيها يكون من مال الأب،