للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي ينكر بيعها، فلا حاجة إلى شراء هذه، وفيه ضرر بالمعتوه على نحو ما بينا.

واستقبح محمد رحمه الله قول من أخذ بالاستحسان، وقال: من أخذ بالاستحسان يجوز هذه التصرف في الواحدة لا فيما زاد عليها، وهذا أمر قبيح؛ لأن هذا التصرف إن كان داخلاً في ولاية الأب لم يتقيد بالواحدة، وإن لم يكن داخلاً لم يتقيد في الواحدة. ومشايخنا أجابوا عن هذا وقالوا: جواز هذا الشرط ودخوله في ولاية الأب والوصي باعتبار حاجة المعتوه بالواحدة تندفع حاجته، فلا يجوز شراء غيرها، وروي عن محمد في «الأمالي» أنه رجع إلى الاستحسان.

ومما يتصل بهذا الفصل

المريض إذا باع ما يساوي ألف درهم بخمسائة من الأجنبي ولا مال سواه يصير محابياً بقدر خمسمائة فتنفذ المحاباة بقدر الثلث، ثم يقال للمشتري: إما أن يبلغ الثمن إلى تمام ثلثي الألف ولا ترد شيئاً من المبيع، وإما أن تفسخ العقد، وهذا إذا لم يكن على الميت دين، فإن كان على الميت دين محيط بماله، فإنه لا تنفذ محاباته في حق الغرماء أصلاً، لا فيما زاد على الثلث ولا بقدر الثلث، ولا يتحمل منه لا الغبن الفاحش ولا الغبن اليسير، غير أن في حق الغرماء لا يصح أصلاً، وفي حق الوارث يعتبر من الثلث، وهذا لأن المريض مرض الموت يتصرف في محل يتعلق به حق الغير وهو الغريم والوارث، ولم يؤخذ منهم الأمر بالتصرف، إما لأنه لا يتفرغ لذلك بشغله بنفسه، أو لأنه لا يقدر على ذلك إلا أن الشرع رخص له في التصرف على وجه يؤدي في إبطال حق الغير، وبالرخص قد يتعلق حقان وبما يتعذر الاحتراز عنه بخلاف المطلوب فلا يتحمل منه لا اليسير ولا الفاحش.

وإذا باع عيناً من أعيان ماله من وراث عند أبي حنيفة لا يصح أصلاً من غير إجازة باقي الورثة سواء حابى أو لم يحاب، باع بمثل القيمة أو بأضعاف القيمة؛ لأنه وصية ولباقي الورثة حق القبض، وعندهما يصح البيع بمثل قيمته وبأضعافها. والوارث إذا باع عيناً من أعيان ماله من الورثة للمريض بمثل القيمة، فكذلك الجواب عند أبي حنيفة في «المأذون الكبير» لشيخ الإسلام في باب إقرار العبد لمولاه، فإن باع المريض من وارثه شيئاً حابى. ذكر شيخ الإسلام في شرح المأذون: أن عندهما لا تصح المحاباة أيضاً أجازت الورثة أم لم يجيزوا، ويقال للمشتري: إما أن يبلغ الثمن إلى تمام القيمة، وإلا يفسخ.

وفي «الزيادات» : أن نفس البيع من الوارث لا يصح من غير إجازة (١١٧أ٣) الورثة عند أبي حنيفة، وعندهما يصح من غير إجازة الوارث والمحاباة مع الوارث لا تصح إلا بإجازة باقي الورثة وهو الصحيح؛ لأن المحاباة وصية بلا خلاف، والوصية للوارث لا يجوز إلا بإجازة بقية الورثة بلا خلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>