الأخوين لا بأس بأن يبيع واحداً منهما، وفي الاستحسان لا يبيع واحداً منهما بخلاف الأخوين، والفرق: أن الأب في الحقيقة أحدهما وهو مشتبه فلو جوزنا بيع أحدهما ربما يبيع الأب ويمسك الأجنبي مع الصغير وفيه ضرر بالصغير بخلاف الأخوين؛ لأن كل واحد منهما أخ على الحقيقة، فإذا باع أحدهما كان الباقي مع الصغير أخاً على الحقيقة وبه يصير حق الصغير (١١٧ب٣) مقتضياً سعراً هو الكلام في حكم كراهة التفريق في البيع.
وأما الكلام في حكم جواز البيع وفساده فنقول: إذا فرق بين الصغير وبين والده أو والديه ومن سواهما من الأقارب في البيع فالبيع جائز في ظاهر الرواية.k
عن أبي يوسف: أن البيع باطل في الكل، وعنه رواية أخرى: أنه فرق بين الوالدين والمولودين وجوزه فيما عداه يأمن القرابات لقوة قرابة الولاد وضعف قرابة المتجردة عن الولادة، وجه رواية التسوية أن كراهة التفريق لدفع الضرر عن الصغير وفي حق هذا المعنى قرابة الولادة والقرابة المتجردة عن الولادة على السواء، والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية؛ لأن ركن التمليك صدر من أهله مضافاً إلى محله، والنهي عن البيع إنما كان مجاوراً ينفك (عن) البيع، وهو إلحاق الوحشة بالصغير ومثل هذا لا يؤثر في فساد البيع كالبيع وقت النداء أو ما أشبهه. وإذا كان التفريق بحق يستحق في أحدهما لم يكن، وكذلك يجوز أن يلحق أحدهما دين فيباع فيه أو يجني أحدهما جناية؛ لأن المنع عن التفريق لدفع الضرر عن الصغير، ولا يجوز دفع الضرر عن شخص على وجه يلحق الضرر بشخص آخر.
وعن أبي حنيفة في فصل الجناية يستحب الفداء نظراً للجانبين، وكذلك لو اشتراهما فقبضهما، ثم وجد بأحدهما عيباً رد المعيب خاصة، وقال أبو يوسف: يردهما؛ لأنهما في معنى كراهة التفريق كشيء واحد.
وجه «ظاهر الرواية» : أن الميت لحق الرد بالعيب وهو مقصور على المعيب حقيقة وحكماً، فلم يجز رد الآخر بعد تمام الصفقة، أكثر ما فيه أن فيه تفريقاً بينهما، ولكن بحق مستحق في أحدهما فيجوز كما لو جنى أحدهما أو لحق أحدهما دين، ولا يكره عتق أحدهما ولا كتابته؛ لأن كراهته للبيع لأجل التفريق ولا تفريق في الإعتاق.
ولو باع أحدهما بسمة للعتق كره عند أبي حنيفة خلافاً لمحمد، والصحيح قول أبي حنيفة أن البيع بسمة ليس ببيع بشرط العتق، فإن البيع بشرط العتق فاسد لكنه ميعاد بينهما والوفاء بالوعد ليس بلازم حتى لو باعه ممن قال: إن اشتريته فهو حر لا يكره البيع بالاتفاق.
وفي «المنتقى» : لو باع أحدهما ممن يعتقه لم يجز في قول أبي يوسف، فإن قبضه المشتري وأعتق ضمن القيمة. ولو باع أحدهما من رجل، ثم باع الآخر من ذلك الرجل، قال أبو يوسف: البيع وقع فاسداً، فإذا اجتمعا في ملكه استحسنت أن أجيزهما.
وفي «نوادر ابن سماعة» قال: سمعت أبا يوسف يقول في رجل اشترى عبداً صغيراً وأمه عند البائع فأعتقه المشتري، فالبيع جائز وعليه الثمن، وكذلك لو مات عنده قال: