رجل اشترى من رجل بيتاً بألف درهم وتقابضا، ثم ادعى المشتري أن الطيسلان كان لابنه يوم اشترى، فإن أباه مات وترك ميراثاً له لا وارث له غيره وأراد الرجوع على البائع بالثمن لم يسمع دعواه وأقام على ذلك بينة لم تقبل بينته؛ لأنه بالإقدم على الشراء صار شراء بالملك للبائع على رواية «الجامع» ، وعلى رواية «الزيادات» صار مقراً بصحة الشراء على الروايات كلها فبدعواه للأب والإرث من جهته يصير متناقضاً ساعياً في نقض ما تم به فلا تصح دعواه ولا تقبل بينته، ولو كان الأب حياً وادعى الطيلسان لنفسه، وأقام على ذلك بينة تصح دعواه قبلت بينته بعد ذلك، فورث الأب الطيلسان سلم له، ولم يكن للبائع على الطيلسان سبيل.
أما على رواية «الجامع» ؛ فلأنه وإن صار مقراً بملك الطيلسان للبائع ولكن إقراره حصل في ضمن الشراء وقد بطل الشراء بالقضاء بالطيلسان للأب فبطل الإقرار الحاصل في ضمنه، وعلى رواية «الزيادات» المشتري صار مقراً بصحة الشراء لا يملك الطيلسان للبائع إلا أن القاضي لما قضى بالطيلسان للأب تبين أن الشراء لم يكن له حق البيع فصار مكذباً في إقراره فالتحق بالعدم.
وكذلك لو قضى القاضي بالملك للأب فلم يقبضه الأب حتى مات فورثه الأب كان الطيلسان له ميراثاً؛ لأن الملك تقرر للأب بقضاء القاضي، فلا يبطل بالموت للأب، وإن كان القاضي لم ينقض للأب بالطيلسان حتى مات بطلت البينة، ولم يكن له على البائع سبيل؛ لأن دوام الخصومة إلى وقت القضاء شرط صحة القضاء وقد انقطعت خصومة الأب بالموت، والابن لا يصلح خصماً لكونه متناقضاً، فإن كان الأب قد ترك ابناً آخر غير هذا المشتري كان هو على حجته يعني في البينة التي أقامها الأب في البينة التي بينها بنفسه؛ لأنه لم يسبق منه ولا من أبيه ما يوجب المناقضة ولكن القاضي إنما يقضي بنصف الطيلسان، وذلك حصته وكان ينبغي أن يقضي تلك الطيلسان؛ لأن أحد الورثة ينتصب خصماً عن الميت في جميع ما يدعي له كما ينتصب خصماً عنه في جميع ما يدعي عليه، ولو كان الميت حياً ليس له أن يقضي بكل الطيلسان كذا ههنا.
وجوابه: أن القضاء يقع للوارث من وجه من حيث أن الملك في العين يثبت للوارث ويقع للمورث من وجه فمن حيث إنه يقع للمورث يصلح الابن الآخر خصماً في النصف الآخر ومن حيث إنه يقع للوارث ففي نصيب الصلح يصير خصماً إذ لا مناقضة فيه، وفي نصيب الابن المشتري يكون نائباً عنه فلا يصلح خصماً، كما لو كان الابن المشتري حاضراً.
ولو كان حاضراً بنفسه لا يسمع خصومة فكذلك ههنا فامتنع القضاء به، ثم إذا قضى القاضي بالنصف للابن الآخر والابن المشتري بالخيار في النصف الباقي؛ لأن بعض المبيع استحق من يده، فإن اختار امساكه لزمه نصف الثمن، وإن اختار رده لا يلزمه شيء ولو كان المشتري أقر عند البيع صريحاً أن الطيلسان للبائع، ثم اشتراه منه، ثم