للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما أقر له وادعى على المطلوب استحقاق ما في يده من الدراهم والمطلوب أنكر، فيكون القول قوله مع يمينه. كمن أقر لإنسان بدينار وكذبه المقر له، وادعى عليه عشرة دراهم في يد رب السلم، فإن كان المطلوب ادعى القبض ولم يدع على الطالب غصباً ولا وديعة بعد ذلك، فلا يمين على واحد منهما؛ لأن المطلوب أقر له بالسلم وكذبه الطالب في إقراره، ولم يدع الطالب على المقر شيئاً، ولا المقر على الطالب شيئاً.

وإن ادعى المطلوب الغصب أو الوديعة بعد ما ادعى قبض رأس المال في المجلس وأنكر الطالب، فمن مشايخنا من قال: القول قول المطلوب مع يمينه فيحلف ويجوز السلم، ويأخذ رأس المال من رب السلم، وذهبوا في ذلك إلى أن المطلوب ادعى صحة العقد، ورب السلم ادعى فساده، فيكون القول قول من يدعي الصحة كما لو اختلفا في أصل الأجل كان القول قول من يدعي الأجل عند أبي حنيفة على كل حال. وإذا جعلنا القول قوله مع اليمين وجوزنا السلم وأثبتنا له استحقاق ما في يد رب السلم يكون الاستحقاق مضافاً إلى إقرار الطالب؛ لأن الطالب يجعل مقراً بالقبض، ثم ينكر؛ لأن السلم عبارة عن أخذ عاجل مقراً بالقبض، ثم ينكر؛ لأن السلم عبارة عن أخذ عاجل بآجل، فيصير مقراً بتسليم رأس المال، ثم راجعاً بعد ذلك، فيكون الاستحقاق مضافاً إلى إقرار الطالب لا إلى يمينه كما في الأجل. وكما لو اختلف الزوجان في النكاح بشهود وغير شهود جعل القول قول من يدعي النكاح بشهود، وإن كان يستحق على ما يدعيه لصاحبه؛ لأنه لا يصير مستحقاً بإقراره، فإن الإقرار بالنكاح إقرار بشهود؛ لأنه لا جواز للنكاح إلا بشهود.

ومنهم من قال: بأن هذا هكذا إذا قال الطالب لم يقبض مفصولاً بأن قال: أسلمت إليك وسكت، ثم قال: إلا أنك لم تقبض، أو قال: أسلمت إليك ولم تقبض بالعطف لا بالاستثناء؛ لأنه مع العطف اعتبر مفصولاً كما في المضاربة إذا قال رب المال: شرطت لك نصف الربح وعشرة أعشر هذا مفصولاً، وكما في الطلاق قبل الدخول اعتبر قوله وطالق ثانياً مفصولاً بخلاف الاستثناء، ومتى كانت الحالة هذه يكون القول قول المطلوب مع يمينه؛ لأن السلم في هذه الحالة عبارة عن التسليم لا عن العقد، ولهذا قال بأن المطلوب إذا أقر بالسلم، ثم قال: إني لم أقبض مفصولاً، وقال رب السلم: قبضت كان القول قول رب السلم استحساناً مع يمينه، قال:؛ لأن المطلوب أقر بالقبض، فإذا صار عبارة عن التسليم صار رب السلم مقراً بالقبض، ثم راجعاً عنه فلا يصدق، فأما إذا قال موصولاً: لم يقبض والمطلوب يقول: قبضت يجب أن يكون القول قول الطالب في هذه المسألة ولا يكون القول قول المطلوب؛ لأن السلم في هذه الحالة جعل عبارة عن العقد لا عن السلم، ولهذا صدق المطلوب إذا أقر بالسلم وأنكر القبض موصولاً، وإذا جعل عبارة عن العقد لا عن التسليم لا يكون الطالب مقراً بالقبض، ثم منكر القبض بعد الإقرار ومتى لم يجعل مقراً بالقبض متى جعلنا القول قول المطلوب مع يمينه استحق بيمينه مالاً ادعاه على الطالب، واليمين حجة للدفع لا للاستحقاق لظاهر الحال بخلاف الأجل؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>