يوافق البدل المبدل في المعنى، نحو أن يقرأ الفاجر مكان الأثيم في قوله طعام الأثيم، والجواب فيه أن صلاته تامة على قول أصحابنا رحمهم الله، فقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أمران علم أن شجرة الزقوم طعام الفاجر حتى عجز المتعلم أن يقول طعام الأثيم.
القسم الثاني: أن يخالف البدل المبدل من حيث المعنى، وإنه على وجهين: إن كان اختلافاً متقارباً، نحو أن يقرأ الحكيم مكان العليم، أو السميع مكان البصير. ويجوز أن يقرأ خبيراً مكان بصيراً، أو يقرأ كلا إنها موعظة مكان قوله تذكرة، وفي هذا النوع صلاته تامة، روى ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ليس الخطأ في القرآن أن يقرأ في موضع الحكيم العليم، وإن كان اختلافاً متباعداً، نحو أن يختم آية الرحمة بآية العذاب أو آية العذاب بآية الرحمة أو أراد أن يقرأ {الشَّيْطَنُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}(البقرة: ٢٦٨) يجري على لسانه الرحمن يعدكم الفقر؛ فعلى قول أبي حنيفة ومحمد تفسد صلاته.
وأما على قول أبي يوسف اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: لا تفسد إذا لم يتعمد بقصد ذلك، ومرّ على لسانه غلطاً، ويجعل على أنه ابتدأ بكلمة من كلمات القرآن، وهذا لأنه قصد قراءة القرآن على ما أنزل، فيجعل التقدير كأنه ترك القراءة من هذا الموضع، وأخذ بالقراءة من ذلك الموضع، وهو في ذلك الموضع قرآن، فلا تفسد صلاته، وبه كان يفتي الفقيه أبو الحسن، وهو اختيار محمد بن مقاتل الرازي.
وقيل: في المسألة عن أبي يوسف روايتان:
الوجه الثاني: أن لا توجد الكلمة التي هي بدل في القرآن وإنه على قسمين أيضاً:
الأول: أن يوافق البدل المبدل نحو أن يقرأ: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ}(النساء: ٤٨) أن يكفر به مكان قوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}(النساء: ٤٨) أو يقرأ {فَبِأَىّ ءالآء رَبّكُمَا}(الرحمن: ١٣) تجحدان مكان قوله: {تُكَذّبَانِ}(الرحمن: ١٣) أو يقرأ {الم ذلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لّلْمُتَّقِينَ}(البقرة: ١، ٢) لا شك فيه مكان قوله: {لاَ رَيْبَ فِيهِ}(البقرة: ٢) أو ما أشبه ذلك، وفي هذا القسم لا تفسد صلاته عن أبي حنيفة ومحمد، أما عند أبي حنيفة؛ فلأنه يعتبر المعنى مع لفظ العربية، وعند أبي يوسف تفسد صلاته؛ لأنه يعتبر اللفظ المنقول.
القسم الثاني: أن لا يوافق البدل المبدل من حيث المعنى نحو أن يقرأ: قوسرة مكان قسورة، أو كعفص مكان كعصفٍ، أو فسحقاً لأصحاب السعير تفسد صلاته بالاتفاق؛ لأن هذه الألفاظ ليست بمنقولة في القرآن، وليس بين هذه الألفاظ وبين الألفاظ المنقولة في القرآن مقارنة من حيث المعنى، فلهذا فسد عند الكل والله أعلم.