العقد لإحالة العقد، وشرط العقد ما يشترط حالة العقد كالشهادة في باب النكاح والمالية في بيع العين بالثمن، فأما ما يجب بعد العقد يكون حكم العقد لا شرط جواز العقد.
قلنا: شرط جواز العقد ما يشترط مقارناً للعقد إلا أن اشتراط القبض مقارناً لحالة العقد من حيث الحقيقة غير ممكن من غير تراض لما فيه من إثبات اليد على مال الغير بغير رضاه فعلقت الجواز بقبض يوجد في المجلس؛ لأن مجلس العقد حكم حالة العقد كما في الإيجاب والقبول، فصار القبض الموجود بعد العقد في مجلس العقد كالموجود وقت العقد من حيث الحكم، ولو كان موجوداً وقت العقد من حيث الحكم، ثم اختلف المشايخ فيما بينهم أن التعارض قبل الافتراق (١٤٥ب٣) شرط صحة العقد أو شرط بقاء العقد على الصحة وإلى كل واحد أشار محمد رحمه الله في «الكتاب» ، فعلى قول من يقول: أنه شرط بقاء العقد على الصحة لا يتأتى هذا، وعلى قول من يقول شرط صحة العقد يتأتى الإشكال، ولكن وجه الجواب ما ذكرنا.
الشرط الثاني: أن لا يكون في هذا العقد خيار الشرط لأحدهما؛ لأن الخيار استثناء لحكم العقد وهو الملك عن العقد، فيمتنع الملك ما بقي الخيار، وإذا امتنع الملك يمتنع القبض الذي يحصل به التعيين الذي هو شرط جواز هذا العقد.
الشرط الثالث: أن لا يكون في هذا العقد أجل؛ لأن شرط الأجل يتقدم استحقاق القبض الذي به يحصل به التعيين، فرجع الكل إلى معنى واحد أن الفساد بسبب انعدام القبض الذي يحصل التعيين، وخيار الرؤية وخيار العيب يخالف خيار الشرط في هذا الباب؛ لأنه بختار العيب والرؤية لا يمتنع الملك فكان القبض الذي يحصل به التعيين ثابتاً، فيصح العقد ولا كذلك الأجل وخيار الشرط، فهذا هو الفرق بين هذه الفصول، وإن افترقا من غير تقابض أو شرط الخيار أو الأجل فسد البيع ثم لا يصح بعد ذلك، أما إذا افترقا من غير تقابض؛ فلأنه فات شرط الصحة وهو التقابض، وأما إذا كان فيه خيار الشرط، فكذلك لهذا المعنى أيضاً، وأما إذا كان فيه أجل قائم يفسد العقد إذا لم يتقابضا، فأما إذا تقابضا لا يفسد العقد؛ لأن الإقباض يكون إسقاطاً للأجل ولو شرطا الخيار ثم أبطلا قبل الافتراق أو كان الخيار لأحدهما فأبطله الذي هو له قبل الافتراق جاز استحساناً عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله.
والكلام فيه نظير الكلام فيما إذا شرط الخيار في بيع العين أربعة أيام ثم أسقط الخيار قبل دخول اليوم الرابع، وقد مر الكلام فيه في كتاب البيوع، وإن كان لأحدهما أجل فيما عليه أولهما فأبطل ما لهما من الأجل قبل التفرق جاز استحساناً، وعن أبي يوسف أن صاحب الأجل إذا أسقط الأجل لا يبطل حتى يرضى به صاحبه.
وفرق بين هذا وبين الخيار والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية؛ لأن الأجل يثبت حقاً لصاحب الأجل وصاحب الحق يتمكن من إسقاطه من غير أن يتوقف ذلك على رضا غيره كذا هاهنا وصاحب الحق يتمكن من إسقاطه من غير أن يتوقف إلي.