ففي هذه الصورة وهو ما (١٤٦ب٣) إذا كان الفلوس ثمن متاع لا يبطل العقد سواء كان المردود قليلاً أو كثيراً استبدل أو لم يستبدل؛ لأن أكثر ما فيه أن القبض في الفلوس قد انتقض بالرد وصار كأن لم يكن إلا أنه لو لم يقبض الفلوس وافترقا لا ينتقض العقد؛ لأن الافتراق حصل عن عين بدين كذا هاهنا.
وإن كانت الفلوس ثمن الدراهم فهو على وجهين: إما إذا كانت الدراهم مقبوضة أو لم تكن مقبوضة، فإن كانت الدراهم مقبوضة ورد الذي لا يتفق واستبدل أو لم يستبدل فالعقد باق على الصحة؛ فكذلك لو وجد الكل في هذه لا تتفق الصورة فردها واستبدل، فالعقد باق على الصحة؛ لأن أكثر ما فيه أن قبض الدراهم ينتقض بالرد، ويصير كأن لم يكن فكأنه لم يقبض الفلوس، ولكن لو لم يقبض الفلوس والدراهم مقبوضة فافترقا لا ينتقض العقد لما ذكرنا أن بيع الفلوس بالدراهم يكتفى بقبض أحد البدلين قبل الافتراق.
فإن لم تكن الدراهم مقبوضة إن وجد كل الفلوس لا تتفق فردها بطل العقد في قول أبي حنيفة وزفر، استبدل في مجلس الرد أو لم يستبدل، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: إن استبدل في مجلس الرد فالعقد صحيح على حاله، وإن لم يستبدل انتقض العقد، وإن كان البعض لا يتفق فردها، فالقياس: أن ينتقض بقدره قليلاً كان أو كثيراً، استبدل في مجلس الرد أو لم يستبدل في قول أبي حنيفة وهو قول زفر رحمهما الله، ولكن أبا حنيفة استحسن في القليل إذا رده واستبدل في مجلس الرد أن لا ينتقض العقد أصلاً.
واختلفت الروايات عن أبي حنيفة في تحديد القليل، فقال في روايته: إذا زاد على النصف فهو كثير وما دونه قليل، في رواية: إذا بلغ النصف فهو كثير، وفي رواية قال: إذا زاد على الثلث وقال أبو يوسف ومحمد: إذا ردها واستبدل في مجلس الرد لا ينتقض العقد قليلاً كان المردود أو كثيراً، هذا إذا كانت الفلوس فلوساً قد تروج وقد لا تروج، فأما إذا كانت الفلوس فلوساً لا تروج بحال، وقد تفرقا فرد الفلوس، ينتقض العقد استبدل في المجلس أو لم يستبدل، فإن وجد بعض الفلوس بهذه الصفة فرد ينتقض العقد بقدره استبدل في مجلس الرد أو لم يستبدل.
وإذا اشترى الرجل بدانق فلساً أو بقيراط فلساً، فهذا جائز استحساناً هكذا ذكر في «الأصل» .
قال شمس الأئمة الحلواني: هذا إذا كان الدانق أو القيراط معلوماً فيما بين الناس لا يختلف في معاملاتهم، فإذا كان مختلفاً يأخذ بعضهم عشرة وبعضهم تسعة لا يجوز العقد لمكان المنازعة، ولم يذكر شيخ الإسلام خواهرزاده وشمس الأئمة السرخسي هذا الفصل على هذا التفصيل في شرحهما.
ولو اشترى شيئاً (بدرهم فلوس) قال في «الكتاب» : كان مثل ذلك في القياس والاستحسان الذي ذكرنا في الدانق أنه يجوز، ثم قال: وهو في الدراهم فحش ولم ينص على الجواز وعدم الجواز، وقال زفر: لا يجوز فيهما، وقال أبو يوسف: إنه يجوز