يبطل العقد في نصف الإبريق؛ لأن الفساد بسبب الافتراق قبل قبض بدل الصرف، وذلك بقدر النصف فيفسد العقد بقدر النصف، ويصح بقدر النصف إذ يصح العقد في نصف القلب شائعاً ممكن بخلاف مسألة السيف؛ لأن تصحيح العقد في نصف الحلية شائعاً غير ممكن؛ لأن بيع نصف الحلية شائعاً لا يجوز؛ لأن الحلية بمنزلة الوصف وبيع بعض الأوصاف لا يجوز فلا يمكن تصحيح البيع في نصف الحلية، فلا يمكن تصحيح البيع في الكل بالزيادة بعد الافتراق عن المجلس لما قلنا فتعين جهة البطلان في الكل.
أما في القلب فبخلافه على ما يتناول في «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف: رجل اشترى قلب فضة على أن فيه عشرة دراهم بدينار، فوجد فيه خمسة عشر قبل أن يتفرقا أو بعد ما تفرقا فالقياس: أن يكون القلب كله للمشتري بذلك الثمن، ولكن ادعى القياس في الذهب والفضة ويكون للمشتري فيه الخيار، إن شاء أخذ ثلثاه بالدينار وكان للبائع ثلث القلب، وإن شاء رده قال: وهذا قبل الفرقة، وبعده سواء من قبل أن الزيادة لم يرد عليها البيع، وإنما كان للمشتري الخيار؛ لأن القلب لم يسلم له كله، وهذا خلاف جواب الأصل، ولو كان اشترى القلب بعشرة دراهم على أن فيه عشرة دراهم وتقابضا، وتفرقا أو لم يتفرقا فوجد فيه خمسة عشر فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ بثلثه بعشرة، وإن شاء رد، فإن قال: أنا أزيد خمسة وأستلم القلب لم يكن ذلك إذا كان قد تفرقا، وإن كانا لم يتفرقا فله ذلك، يزيد خمسة ويأخذ كله وإن شاء أخذ ثلثه بعشرة (١٥١أ٣) .
ولو اشترى إناء فضة بدينار على أن فيه عشرة دراهم فتقابضا وتفرقا فوجد فيه تسعة دراهم، فهو بالخيار إن شاء رده وإن شاء أمسكه، ورجع بحصة النقصان من الدينار، ولو كان اشتراه بدراهم، فإن شاء رده ورجع بدراهمه.
وإذا اشترى نقرة فضة على أنها ألف درهم بألف درهم، إن علم ذلك قبل أن يتفرقا عن المجلس فالمشتري يزيد ألف درهم إن شاء ويجوز العقد في الكل؛ لأنهما ما أوقعا العقد بجهة الفساد والتصحيح في الكل ممكن بإثبات الزيادة في مجلس العقد، فإن لم يزد المشتري ألفاً أخرى يصح العقد في نصف الفضة، ويبطل في النصف كما في مسألة الإبريق إلا أن مسألة القلب يتخير المشتري وهاهنا لا يتخير؛ لأن الشركة في النقرة ولا ينقصها التبعيض ولا يضرها ولا يعد عيباً، والشركة في القلب والتبعيض ينقضه ويضره يرد عيباً، فأثبتنا الخيار للمشتري في القلب ولم يثبت في النقرة لهذا، وإن علم ذلك بعدما تفرقا عن المجلس يجوز العقد في نصف الإبريق؛ لأن تصحيح العقد في النصف ممكن في النقرة؛ لأن بيع نصف النقرة شائعاً جائز كبيع نصف الإبريق إلا أن في الإبريق يتخير المشتري، وفي النقرة لا، هذا إذا حصل الشراء بالجنس.
أما إذا حصل بخلاف الجنس بأن اشترى سيفاً محلى على أن حليته مئتي درهم بعشرة دنانير، أو اشترى إبريق فضة على أنه ألف درهم بمئة دينار، فإذا فيه ألفان أو اشترى نقرة فضة على أنها ألف درهم بمئة دينار، فإذا فيه ألفان، أو اشترى نقرة فضة على أنها ألف درهم إلي فالعقد جائز في المسائل كلها؛ لأن الجنس مختلف، وإذا جاز العقد