للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضافة إلى محالها وعلماؤنا رحمهم الله قالوا: بأن التعيين أضيف إلى ما هو مثمن من وجه لما ذكرنا أن الدراهم والدنانير إذا قوبل بعضها ببعض وكل واحد من البدلين مثمن من وجه، فصار مشتري الدراهم مشترياً بما هو مثمن من وجه، والشراء المضاف إلى المثمن يتعلق بعينه، وإذا تعلق بعينه جعل المشتري مستبدلاً ببدل الصرف قبل القبض، وإنه لا يجوز بخلاف الشراء المضاف إلى سائر الديون سوى بدل الصرف؛ لأن هناك الشراء حصل بما هو ثمن من كل وجه، والشراء بالمضاف إلى الثمن من كل وجه لا يتعلق بعينه، أما هاهنا بخلافه.

وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدنانير وتقابضا إلا بدرهم واحد بقي من العشرة، وليس عند بائع الدراهم الدرهم العاشر، فأراد الذي اشترى الدراهم أن يأخذ عشر الدينار، فله ذلك.

وهذا الجواب على هذا الإطلاق الذي قاله محمد رحمه الله يستقيم بعد ما تفرقا عن مجلس العقد قبل نقد الدرهم العاشر؛ لأنه بعد ما تفرقهما انتقض الصرف بقدر عشر دينار وصار عشر الدينار على مشتري الدينار، فلبائع الدينار أن يطالب المشتري بذلك رضي المشتري أم سخط.

فأما قبل التفرق: إذا أراد أن يأخذ عشر دينار من مشتري الدينار فليس له ذلك إلا برضى مشتري الدينار بذلك؛ لأن الصرف صحيح قبل التفرق في جميع الدينار، وإن لم يكن عند مشتري الدينار الدرهم العاشر، فيكون حق بائع الدينار في الدرهم العاشر وحق مشتري الدينار في جميع الدينار، فإذا قيل له: أعطني عشر دينار، فكأنه قال: أقلني العقد بقدر عشر دينار، فإن رضي مشتري الدينار بذلك جاز وإن لم يرض لا يجوز.

فأما إذا قال له: بعني بعشر دينار فلوساً مسماة أو عرضاً مسماة فباعه بذلك كان جائزاً باعه قبل التفرق أو بعد التفرق، فلا إشكال؛ لأن الصرف انتقض بقدر عشر دينار لفوات قبض بدله، فصار حق بائع الدينار بعد التفرق في عشر الدينار في ذمة مشتري الدينار.

فإذا قال: بعني بذلك شيئاً بعد استبدال ببدل الصرف بعد الفسخ قبل القبض، فإنه جائز، وإن كان قبل التفرق فكذلك يجوز؛ وذلك لأن بائع الدينار كما قال: أعطني بعشر دينار فلوساً فقد طلب منه أن يصير عشر دينار حقاً له في ذمة المشتري حتى يجوز له أخذ الفلس عوضاً عنه، وإن عشر الدينار قبل التفرق حقاً لبائع الدينار إلا بالفسخ، فكأنه قال: أقلني الصرف بقدر عشر دينار حتى لا يصير حقاً لي بالفسخ ثم أعطني بذلك فلوساً أو عرضاً، فإذا رضي الآخذ بذلك انفسخ (١٥٦ب٣) الصرف بقدر عشر دينار، فصار مستبدلاً ببدل الصرف قبل القبض بعد الفسخ، وإنه جائز.

وهذا بخلاف ما لو قال بائع الدينار: بعني بالدراهم شيئاً، فإنه لا يجوز سواء باعه بالدراهم العاشر شيئاً قبل التفرق أم بعد التفرق، فأما قبل التفرق؛ فلأنه استبدل ببدل الصرف قبل القبض حال بقاء عقد الصرف؛ لأنه طلب منه أن يبيع بالدرهم شيئاً والدرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>