للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البائع حين قال: بعتكما هذه الدار بألف درهم لكل واحد منكما نصفها بخمسمائة، فقال الأجنبي: قبلت نصفها إلي بخمسمائة لم يجز ذلك على البائع، فهو بمنزلة رجل باع داره من رجل واشترط الخيار لرجلين أحدهما شفيع الدار، فأجاز البيع.

في «فتاوى أبي الليث» : إذا بيع المستأجر قبل مضي مدة الإجارة والمستأجر شفيعها فأجاز المستأجر البيع في حقه كان له أن يأخذ بالشفعة، وإن لم يجز البيع ولكن طلب الشفعة بطلت إجارته؛ لأنه لا صحة للشفعة إلا بعد بطلان الإجارة، فيتضمن طلب الشفعة ببطلان الإجارة.

فرق بين هذه المسألة وبينما إذا باع من آخر داراً على أن يكفل فلان بالثمن وفلان شفيعها، فكفل حيث لا تثبت له الشفعة.

والفرق: أن في مسألة الكفالة البيع لا يجوز ما لم يكفل إذا كانت الكفالة شرطاً في البيع، فصار الجواز مضافاً إليه، فصار بمنزلة البائع، أما ههنا البيع جائز فيما بين البائع والمشتري من غير إجازة المستأجر، فلم يكن الجواز مضافاً إلى المستأجر فلم يضر بمنزلة البائع.

رجل اشترى من آخر أرضاً فيها نخيل بألف درهم فلم يقبضها المشتري حتى أثمر النخيل ثم حضر الشفيع، فله أن يأخذ الكل بالشفعة. وفي المسألة إشكال من وجهين:

أحدهما: أن حق الشفيع إنما يثبت بالبيع، فإنما يثبت فيما كان موجوداً وقت البيع، والثمر لم يكن موجوداً وقت البيع.

والثاني: أن الثمر يغلى، أما الأول قلنا: حق الشفيع يثبت بالبيع ولكن في جميع ما صار مملوكاً للمشتري بالبيع، والثمر صار مملوكاً للمشتري بالبيع، وإن لم يكن موجوداً وقت البيع، ألا ترى لو قبضه المشتري صار له حصة من الثمن.

وأما الثاني: قلنا الثمر ما دام متصلاً بالنخل والأرض فله حكم النخل والأرض بطريق التبعية، وحق الشفعة يثبت في النخيل والأرض، فكذا بالثمر المتصل بهما، فإن قال الشفيع أخذ الأرض والنخيل بحصتهما، وأترك الثمر أو قال المشتري: أعطيك الأرض والنخل بحصتهما، ولا أعطيك الثمر: لا يلتفت إلى قوله لما فيه من ضرر التفريق بصاحبه.

ولو أن الشفيع حين حضر لم يقض القاضي له بالشفعة حتى جذ البائع الثمر أخذ الشفيع الأرض والنخيل وترك الثمر؛ لأنا إنما أثبتنا حق الشفعة في الثمر قبل الجذ مع كونه تقلباً بطريق التبعية، وبالجذاذ زالت التبعية، فعاد الأمر إلى الأصل، ثم يأخذ الأرض والنخيل بحصتهما من الثمن وتسقط حصة الثمر؛ لأن البائع بالجذاذ صار مستهلكاً حق المشتري قبل القبض، فأوجب سقوط حصته من الثمن، وكما يظهر السقوط في حق الشفيع.

وهو نظير بناء الدار إذا نقضه البائع ثم حضر الشفيع أخذ الباقي بحصته من الثمن، وطريقة ما قلنا.

هذا إذا أخذ البائع الثمر، فأما إذا هلك الثمر من غير صنع أحد، فالشفيع يأخذ الثمر والنخيل بجميع الثمن؛ لأنه ملك بالبيع تبعاً، فلا يقابله شيء من الثمن إلا إذا صار

<<  <  ج: ص:  >  >>