«مختصره» : أن الشفيع يذهب إلى أقربهم، وذكر الناطفي في «أجناسه» : أنه إذا ذهب إلى الأبعد لا تبطل شفعته وبعض مشايخنا رحمهم الله أخذوا برواية عصام، وبعضهم برواية الناطفي.
وإليه أشار محمد رحمه الله في كتاب الشفعة في باب أهل البغي، حيث قال: وإذا كان الشفيع في غير مصر البائع والمشتري والدار قال أيهم ... فهو على شفعته من غير فصل؛ وهذا لأن الشفيع قد يعجز عن الذهاب إلى الأقرب بسبب من الأسباب، فلا يكون بترك الذهاب إلى الأقرب مبطلاً شفعته، وعلى هذا إذا كان إلى الأقرب طريقان، فترك الطريق الأقرب واختيار الأبعد لا تبطل شفعته على قياس ما ذكر الناطفي، ثم إذا حضر المصر الذي فيه أحد هذه الأشياء بطلت الشفعة بحضرة ذلك، فلا يكفيه حضور البائع والمشتري والدار في ذلك على السواء، وكان القاضي الإمام ركن الإسلام أبو يزيد الكبير يقول: أيكفيه حضور المصر، وعلى هذا إذا كانت الدار في مصر الشفيع لا بشرط الطلب عند الدار على ما ذكره القاضي الإمام بل إذا طلب وأشهد من غير تأخير في أي موضع طلب جاز.... لو كان البائع أو المشتري في مصر الشفيع لا بد من الطلب بحضرته.
ثم بعد طلب المواثبة وطلب الإشهاد يحتاج إلى طلب التمليك وهو الطلب عند القاضي أن يسلم المشتري الدار إليه.
وصورة ذلك: أن يقول الشفيع للقاضي: إن فلاناً اشترى داراً وبين محلتها وحدودها، وأنا شفيعها بدار لي ويبين حدودها، فمره بتسليمها إلي، وبعد هذا الطلب أيضاً لا يثبت الملك للشفيع في الدار المشفوعة إلا بحكم القاضي أو بتسليم المشتري الدار إليه حتى أن بعد هذا الطلب قبل حكم القاضي بالدار، وقبل تسليم المشتري الدار إليه لا يستحق الشفعة فيها إلي لو بيعت دار أخرى بجنب هذه الدار، ثم حكم له الحاكم أو سلم المشتري الدار إليه لا يستحق الشفعة فيها، وكذلك لو مات الشفيع أو باع داره بعد الطلبين قبل حكم الحاكم أو تسليم المشتري تبطل شفعته، ذكر الخصاف ذلك في «أدب القاضي» .
وللشفيع أن يمتنع من الأخذ بالشفعة وإن بذله المشتري حتى يقضي القاضي له زيادة فائدة، وهو معرفة القاضي بسبب ملكه، وعلم القاضي بمنزلة شهادة شاهدين، فكان الأخذ بقضاء القاضي أحوط في شفعة الاسبيجابي، فإن ترك الشفيع الطلب الثالث يعني بعدما طلب الطلبين لو لم يرفع الأمر إلى القاضي حتى يقضي له بالشفعة هل تبطل شفعته؟.
أجمعوا على أنه إذا ترك هذا الطلب بعذر من مرض أو حبس أو غير ذلك ولم يمكنه التوكيل بهذا الطلب أنه لا تبطل شفعته وإن طالت المدة، وإن ترك هذا الطلب بغير عذر، فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: لا تبطل شفعته، وإن طالت المدة، وعلى قولهما: