المشتري إلى قاضٍ لا يرى الشفعة بالجوار، فقال له: لا شفعة لك، أو قال: أبطلت شفعتك ثم قدم الشفيع الأخر وخاصم المشتري إلى قاض يرى الشفعة بالجوار، فإنه يقضي له بجميع الدار، وإن طلب الأول القضاء من هذا القاضي لا يقضي له بشيء؛ لأن قاضياً من القضاة قد أبطل حقه، فإن كان القاضي الأول قال للشفيع الأول: أبطلت شفعتك وقضيت بإبطال الشفعة في هذه الدار لكل جار، فإن هذا خطأ منه، وإنه قضاء على الغائب، فهو يجوز على ما يجوز عليه القضاء على الغائب.
وفيه أيضاً: رجل اشترى من آخر داراً بألف درهم، وباعها من رجل أخر بألفي درهم وسلمها، ثم حضر الشفيع وأراد أن يأخذ الدار بالبيع الأول.
قال أبو يوسف رحمه الله: يأخذها من الذي هي في يده، ويدفع إليه ألف درهم، ويقال له طلب صاحبك الذي باعك، فخذ منه ألفاً أخرى، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمهما الله: إذا حضر الشفيع وقد باع المشتري الدار وسلمها وغاب وأراد أن يأخذها الشفيع بالبيع الأول، فلا خصومة بينه وبين المشتري الآخر.
فالحاصل: أن الشفيع لو أراد أخذها بالبيع الأول يشترط حضرة المشتري الأول عند أبي حنيفة رحمه الله، وهو في قول محمد، وفي قول أبي يوسف: لا يشترط حضرته، وإن أراد أخذها بالبيع الثاني لا يشترط حضرة المشتري الأول بلا خلاف.
إذا قضى القاضي للشفيع بالشفعة وضرب له أجلاً، وقال: إن لم يأت بالثمن إلى وقت كذا فلا شفعة لك، فلم يأت به بطلت شفعته، وكذلك إذا قال المشتري ذلك للشفيع، فإن جاء بالدنانير والثمن دراهم، فقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: لا تبطل شفعته، وبعضهم توقف في الجواب، فيفتي أنه لا تبطل شفعته، وكذلك إذا قال الشفيع: إن لم أعطيك الثمن وقت كذا، فأنا بريء من الشفعة فهو صحيح، ويبطل حقه إن لم يعط الثمن إلى ذلك الوقت.
في «القدوري» : وفي «المنتقى» بشر عن أبي يوسف رحمه الله: أن قول الشفيع: لا حق لي عند فلان براءة عن الشفعة.
رجل في يده دار جاء رجل وادعى صاحب اليد اشترى الدار من فلان، وأنا شفيعها وأقام على ذلك بينة، وأقام صاحب اليد بينة أن فلاناً أودعها إياه قضى القاضي للشفيع بالشفعة؛ لأن صاحب اليد انتصب خصماً بدعوى الفعل عليه وهو شراؤه هذه الدار من فلان وفي مثل هذا لا تندفع الخصومة عن صاحب اليد بإثبات أن يده وديعة وإن كان الشفيع لم يدع الشراء على صاحب اليد إنما ادعاه على رجل.
وصورته: أن يقول لصاحب اليد: إن هذا الرجل وأشار إلى غير صاحب اليد اشترى هذه الدار من فلان بكذا وقبضها ونقد الثمن وأنا شفيعها، وأقام على ذلك بينة، وأقام صاحب اليد بينه أن فلاناً أودعها إياه فلا خصومة بينهما حتى يحضر الغائب؛ لأن صاحب اليد هاهنا انتصب خصماً بحكم ظاهر اليد لا بدعوى الفعل عليه.
وفي مثل هذا تندفع الخصومة عن صاحب اليد بإثباته أن يده وديعة، وإذا وقع