فكذا للشفيع، وذكر في موضع آخر: أنه لا شفعة للشفيع ههنا؛ لأن عندهما بيع المريض من وارثة إنما يصح، إذا لم تكن فيه وصية، وفي بيع المحاباة وصيتة ولا وصية للوارث، فكان البيع فاسداً ولا شفعة في البيع الفاسد، وبأن كان المشتري يتمكن من إزالة المفسد، فذاك لا يوجب الشفعة للشفيع.
كما لو اشترى بشرط أجلٍ فاسد، وعن أبي يوسف رحمه الله: أن للشفيع أن يأخذها بألفي درهم؛ لأنه يتقدم على المشتري شرعاً، فيجعل كأن البيع من المريض كان معه بألفي درهم.
المريض إذا باع داراً بألفي درهم وقيمتها ثلاثة آلاف، وشفيعها أجنبي فله أن يأخذها بالشفعة بألفي درهم؛ لأن المحاباة كانت بقدر الثلث، وذلك صحيح من المريض الأجنبي.
فإن قيل: كيف يأخذ الشفيع الدار بألفي درهم والوصية من المريض كانت للمشتري لا للشفيع، ولا يجوز تنفيذ الوصية له لغير الوصي له.
قلنا: الوصية ما حصلت مقصودة ههنا، إنما حصلت في ضمن البيع والشفيع قد تقدم على المشتري شرعاً في البيع، فكذا فيما هو متضمن البيع على (أنه) لما أوجب البيع للمشتري بما سمى مع علمه أن الشفيع يتمكن من الأخذ بمثل ما اشترى به المشتري، كان هذه وصية للمشتري إن سلم الشفيع الشفعة، وللشفيع أن يأخذ بالشفعة إذا باعها بألفين إلى أجل، وقيمتها ثلاثة آلاف درهم، فالأجل باطل؛ لأن المحاباة بالقدر استغرقت ثلث المال، فلا يمكن تنفيذ الوصية بالأجل في شيء ولكن يتخير المشتري بين أن يفسخ البيع، أو يؤدي الألفين حالة، ليصل إلى الورثة كمال حقهم وأي ذلك ما فعل، فللشفيع الشفعة يأخذها بألفي درهم حالة، وإن باعها بثلاثة آلاف درهم إلى سنة وقيمتها ألفا درهم، ثم مات أجمعوا على أن الأجل فيما زاد على الثلث باطل؛ لأنه بمنزلة المحاباة؛ لأنه براءة مؤقته، فتعتبر بالبراءة المؤبدة، لكن اختلفوا أنه يعتبر الأجل في الثلث باعتبار الثمن أو باعتبار القيمة، قال أبو يوسف: باعتبار الثمن، فيجعل ثلثي الثمن، وذلك ألفا درهم (١٧٨ب٣) إن شاء والألف الثالثة إلى أجله، وقال محمد رحمه الله: باعتبار القيمة، فيجعل ثلثا القيمة، وذلك ألف وثلثمائة وثلاثة وثلثون وثلث إن شاء، والباقي عليه إلى أجله.
إذا باع المريض داراً وحابى وابنه شفيعها فبرئ من مرضه، فإن كان الوارث الشفيع علم بالبيع، وقد طلب وقت ما علم كان له أن يأخذ بالشفعة، وإن لم يطلب فلا شفعة له؛ لأنه ترك الطلب بغير عذر، أكثر ما فيه أنه لم يكن متمكناً من الأخذ وقت البيع لمرض البائع، لكن هذا لا يمنع سقوط الشفعة عند ترك الطلب، ألا ترى أن الجار إذا لم يطلب الشفعة بعد ما علم بالبيع لمكان الشريك، ثم سلم الشريك الشفعة، فلا شفعة للجار، وإن لم يكن متمكناً من الأخذ وقت البيع.