وفي «الأصل» : إذا كانت القرية وأرضها بين رجلين بالشراء فمات أحدهما وترك نصيبه ميراثاً، فأقام ورثته البينة على الميراث وعلى الأصل، وشريك أبيهم غائب لم يقسم القاضي حتى يحضر شريك أبيهم؛ لأن الوارث قائم مقام الميت، ولو كان الميت حياً وحضر يطلب القسمة، وشريكه غائب فالقاضي لا يقسم، ولو حضر شريك الأب وغاب بعض ورثة الميت قسمها القاضي بينهم؛ لأن حضور بعض الورثة كحضور الميت لو كان حياً، أو كحضور باقي الورثة.
وإن كان أصل الشركة بالميراث بأن كانا أخوين وورثا قرية من أبيهما، فقبل أن يقسما مات أحدهما وترك نصيبه ميراثاً لورثته، فحضر ورثة الميت الثاني وعمهم غائب، وأقاموا البينة على ميراثهم عن أبيهم وعلى ميراث أبيهم عن جدهم قسمها القاضي بينهم ويعزل نصيب عمهم، وكذلك لو حضر عمهم وغاب بعضهم قسمها القاضي بينهم؛ لأن الأصل ميراث، وفي الميراث غيبة بعض الشركاء لا يمنع القسمة.
في «المنتقى» عن أبي يوسف: إذا اشترى رجل من أحد الورثة بعض نصيبه، ثم حضر يعني الوارث البائع والمشتري وطلبا القسمة، فالقاضي لا يقسم بينهما حتى يحضر وارث آخر غير البائع؛ لأن المشتري بمنزلة الوارث الذي باعه.
ولو اشترى منه نصيبه ثم ورث البائع شيئاً بعد ذلك، أو اشترى لم يكن خصماً للمشتري في نصيبه الأول في الدار حتى يحضر وارث آخر غيره، ولو حضر المشتري من الوارث ووارث آخر وغاب الوارث البائع، وأقام المشتري بينة على شرائه وعلى الدار وعدد الورثة.
فإن هذا على وجهين: إن كانت الدار في يد الورثة ولم يقبض المشتري له، أقبل بينة المشتري على المشتري من الغائب، لأن الوارث الحاضر لا يجحد نصيب الغائب، ولو كان يجحده ويدعيه جعله خصماً، وقبلت بينة المشتري وقسمته.
وإن كان المشتري قبض وسكن الدار معهم ثم طلب القسمة هو ووارث آخر غير البائع، وأقام البينة على ما ذكرنا فالقاضي يقسم الدار، وكذلك إذا طلبت الورثة القسمة دون المشتري، فالقاضي يقسم الدار بينهم بطلبهم، وجعل نصيب الغائب في يد المشتري، ولا يقضي بالشراء، وإن لم يكن المشتري قبض الدار عزل نصيب الوارث الغائب، ولا يدفع إلى المشتري، وإن المشتري هو الذي طلب القسمة وأبى الورثة لم أقسم؛ لأني لا أعلم أنه مالك، ولا أقبل بينته على المشترى والبائع غائب.
وفيه أيضاً عن أبي يوسف: دار بين رجلين باع أحدهما نصيبه وهو مشاع من رجل، ثم إن المشتري أمر البائع أن يقسم صاحبه الدار ويقبض نصيبه، فقاسمه لم تجز القسمة؛ لأن البائع لا يكون قابض للمشتري من نفسه، ولو أخرت القسمة جعلت قابضاً للمشتري، وإذا كان بين رجلين دار ونصف دار اقتسما على أن يأخذ أحدهما الدار ويأخذ الآخر نصف الدار جاز، وإن كانت الدار أفضل قيمة من نصف الدار؛ لأن البيع على هذا الوجه