للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصفه لأنه لا يضر بالعبد المشترك، فالخدمة في الشهر الأول لا يضعفه عن الخدمة في الشهر الثاني، وإذا كان التفاوت من وجه واحد كان يسيراً فلا يمنع اعتبار معنى الإقرار، فكان إقراراً من وجه مبادلة من وجه، فلا يحرم النساء بسبب الجنس.

وهذا بخلاف ما لو وقع التهايؤ في العبد الواحد على الاستغلال تهايئاً على أن يؤاجره هذا شهراً ويأكل غلته حيث لا يجوز بلا خلاف؛ لأن التفاوت بين النصيبين مثال يكن من وجهين من حيث النقد والنسيئة، ومن حيث مقدار الغلة؛ لأن البادئ من المستأجرين يستخدم العبد بحكم الإجارة، فبالغ في الاستخدام فيضعف فلا يستأجر المستأجر الثاني، وقد ضعف بمثل ما استأجره الأول وإذا وقع التفاوت من وجهين كان فاحشاً، ومتى فحش التفاوت لا تعتبر القسمة إقراراً بل تعتبر مبادلة من كل وجه كما في قسمة العين في الجنس المختلف إذا فحش، وإذا اعتبر مبادلة من كل وجه كان هذا مبادلة منفعة بمنفعة من جنسها واحدهما نسيئة فيكون رباً فلا يجوز، وإن تراضيا عليه.

وأما في العينين فإنما جاز التهايؤ على الاستخدام؛ لأن قسمة العين على هذا الوجه بتراضيهما جائزة عند الكل، وإن كانت لا تجوز من غير تراض عند أبي حنيفة، فكذا قسمة المنفعة على هذا الوجه؛ ولأن العينيين إذا استويا في النظر والمنظر لا يتفاوتان في الخدمة إلا يسيراً فلا يمنع ذلك اعتبار معنى الإقرار، فتكون المهايأة في خدمتهما إقراراً من وجه، فلا يحرم النساء بسبب الجنس لما بينا أن حرمة النساء بسبب الجنس تختص بالمبادلات من كل وجه، ولو تهايئا في العينين على الاستغلال تهايئا على أن يؤاجر هذا هذا العبد شهراً فيأكل غلته، ويؤاجر هذا هذا العبد الآخر شهر فيأكل غلته لم يجز في قول أبي حنيفة رحمه الله، وجاز في قول أبي يوسف ومحمد، هما يقولان: العبدان إذا استويا في النظر والمنظر والحرفة لا يتفاوتان في الغلة إلا يسيراً، فلا يمنع ذلك وقوع الإقرار، والتقريب ما ذكرنا في فصل الاستخدام.

ولأبي حنيفة: أن التفاوت في العينين في الاستغلال تفاوت فاحش فإنا نرى عبدين يستويان في النظر والمنظر، ويستأجر أحدهما بأكثر مما يستأجر به الآخر لزيادة حذاقة في أحدهما، فتعتبر المهايأة فيها مبادلة من كل وجه، فيحرم النساء بسبب الجنس وإن تراضيا عليه.

بخلاف ما لو تراضيا على قسمة العين على هذا الوجه حيث يجوز التهايؤ على استغلالهما مع فحش التفاوت عند أبي حنيفة؛ لأن التفاوت ثمة باعتبار معنى الدارية، فأما باعتبار الأرض فالتفاوت يسير بين الأرض والأرض، ولهذا كان قسمة الأراضين إقراراً من وجه مبادلة من وجه، فيمكن اعتبار معنى الإقرار في هذه المهايأة باعتبار معنى الأرض، ومهما أمكن اعتبار معنى الإقرار لا تثبت حرمة النساء بسبب الجنس، فأما ليس في العبد سنان يكون التفاوت باعتبار أحدهما فاحشاً وباعتبار الآخر يسيراً إنما هو شيء واحد خلق في الأصل على التفاوت تفاوتاً فاحشاً، فتعتبر المهايأة فيه مبادلة من كل وجه.g

في «المنتقى» : جاريتان بين رجلين لهما ابن تهايئا على أن ترضع هذه ابن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>