للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم: يقع الشراء بثمن حال ويثبت اشتراط تعجيل الأجر من جانب المستأجر للحال فتقع المقاصة بينهما للحال لا في الثاني.

وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا انتقضت الإجارة وبقي الشراء فمن يقول: الشراء يقع بثمن مؤجل لا يكون للمستأجر مطالبة الأجير بالثمن للحال، ومن يقول الشراء يقع بثمن حال يقول: للمستأجر حق مطالبة الأجير بالثمن للحال.

وجه القول الأول: أن إضافة الشراء إلى الدين إذا كان دراهم إن لم تكن معتبرة لاستحقاق المضاف إليه بعينه فهو معتبر لتقدير الثمن به قدراً وصفاً، ألا ترى أنه لو أضاف الشراء إلى دراهم عين تعتبر الإضافة لتقدير الثمن به قدراً وصفة، فكذا هاهنا.

قلنا: والمضاف إليه الشراء فهو الأجرة في معنى المؤجل فثبت صفة التأجيل في الثمن ثم تقع المقاصة إذا حل الدينار.

وجه القول الأخر: أنا لو اعتبرنا هذه في إثبات صفة الأجل يفسد الشراء؛ لأنه يصير مشترياً بثمن يجب في الثاني لا في الحال؛ لأن الأجرة لا تحب في الحال، إنما تجب في الثاني، والشراء بمثل هذا الثمن لا يجوز فتركنا العمل بحقيقة هذه الإضافة، واعتبرنا الإضافة لوقوع المقاصة بينهما للحال بأن يقع الشراء بثمن حال، وثبت اشتراط تعجيل الأجر حتى يجب الأجر للحال، فإن الأجر يجب باشتراط التعجيل بعد الحكم.

وإذا أمكننا تصحيح الإضافة على هذا الوجه وفيه جواز العقد اعتبرنا هكذا.

قال: فإن أوفاه الحمل والشرط يسلم له ذلك، وإن لم يوفه ذلك لموت حدث أو غير ذلك من عذر فإن المستأجر يرجع على المؤاجر بالدراهم، ولا يرجع بالقرض لأن القرض صار ملكاً للمؤاجر بالشراء والشراء لم ينفسخ بانفساخ الإجارة؛ لأن الشراء ما كان متعلقاً بعين الأجر حتى ينفسخ بسقوط الأجر.

وإذا بقى الشراء صحيحاً بعد انفساخ الإجارة لا يكون للمستأجر على المقرض سبيل كما قبل انفساخ الإجارة، ويرجع المستأجر على ورثته بالدراهم لأن المستأجر أوفاه الأجر حكماً للمقاصة فيعتبر بما أوفاه حقيقة هناك لو انتقضت الإجارة قبل إيفاء العمل كان للمستأجر حق الرجوع بالأجر كذا هاهنا.

ولو أخذ بالأجرة رهناً أو كفيلاً جاز في قولهم جميعاً، أما على قول محمد: فظاهر، وأما على قول أبي يوسف: فلأن الرهن والكفالة وثيقتان وملائم هذا الدين كما لو رهن بالثمن في البيع المشروط فيها الخيار.

قال محمد رحمه الله: وإذا استأجر الرجل داراً بثوب بعينه وسكنها فليس لرب الدار أن يبيع الثوب قبل أن يقبضه، لا من المستأجر ولا من غيره لأنه بمنزلة المبيع، ألا ترى أنه لو هلك قبل أن يدفعا إلى رب الدار انتقضت الإجارة وكان على المستأجر أجر مثلها، وبيع المبيع المنقول قبل القبض لا يجوز.

وكذلك كل شيء يتعين بالتعيين، كالعروض والحيوان وغيره، وإن كانت الأجرة شيئاً من المكيل أو الموزون بغير عينه موصوفاً فلا بأس بأن يبيعه قبل أن يقبضه، لأنه ثمن

<<  <  ج: ص:  >  >>