وليس لرب الأرض أن يتملك الأشجار على الغارس إذا لم يكن في قلعها ضرر فاحش بالأرض.
وفيه أيضاً: استأجر من آخر بيتاً ووضع فيه حبات خل فانقضت مدة الإجارة والمستأجر يأبى تفريغ الحانوت فإن كان الخل بلغ مبلغاً لا يفسد بالتحويل يؤمر بالتحويل، وإن كان يفسد لا يؤمر بالتحويل، ويقال للمستأجر: إن شئت فرّغ الحانوت، وإن شئت فاستأجر منه إلى وقت إدراكه والمراد من قوله استأجر منه الحكم بأجر المثل عليه لا الاستئجار ابتداء ببدل مسمى؛ لأن هذا بمنزلة مدة نقل المتاع وتفريغ الدار، والواجب هناك أجر المثل دون الإجارة ابتداء ولو مات المؤاجر أو المستأجر قبل انقضاء المدة، ولم يتيسر التفريغ يجب المسمى استحساناً والقياس أن يجب أجر المثل كما بعد انقضاء المدة.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : إذا انقضت مدة الإجارة ورب الدار غائب فلم يرد المستأجر الدار بل سكن فيها سنة ثم حضر رب الدار لا يلزمه الأجر لما بعد انقضاء المدة؛ لأنه سكنها بلا عقد ولو مات المؤاجر فسكنه المستأجر اختلف المشايخ فيه منهم من قال: يجب الأجر؛ لأنه مات على الإجارة وليس بغاصب، ومنهم من قال: هو غاصب في الشهر الأول بعد الموت؛ لأن الإجارة تثبت صريحاً أو دلالة وقد عدم الأمران ويلزمه الأجر في الشهر الثاني إذا طلب صاحب الدار الأجر.
وقيل: إذا سكن بعد الموت أو بعد انقضاء المدة فلا أجر عليه قبل الطلب، وإذا سكن بعد الطلب فعليه الأجر لما سكن بعد الطلب سواء كان في الشهر الأول أو في الشهر الثاني وهذا القائل يقول: لا فرق في هذا بين الدار المعدة للإجارة وغير المعدة للإجارة إنما ذلك في ابتداء السكنى على ما مر، والأصح أنه يلزمه الأجر إذا كانت الدار معدة للاستغلال على كل حال.
وفي «الأمالي» عن محمد: رجل استأجر أرضاً بدراهم معلومة سنة، وزرعها ثم مات المؤاجر قبل أن يستحصد الزرع، واختار المستأجر المضي على الإجارة حتى يستحصد الزرع وبالأجر كفيل قال: لا يبرأ الكفيل من أجر ما بقي إلى أن يستحصد الزرع، وكذلك لو لم يمت الآجر ولكن مات المستأجر واختار ورثته ترك الزرع في الأرض حتى يستحصد لم يبرأ الكفيل من الكفالة، فإن قال المؤاجر: لا أرضى إلا أن يكون الأجر على ورثة الميت؛ لأن مال الميت لا يفي بالأجر ليس له ذلك؛ لأنها تركت على الإجارة الأولى والأجر في الإجارة الأولى في مال الميت وفى بالأجر أو لم يفِ ولو انقضت السنة، ثم مات المستأجر والزرع بقل واختار ورثته ترك الزرع بأجر المثل فالأجر عليهم في مالهم دون مال الميت والله أعلم بالصواب.