للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند القنوت في الوتر، وعند كل تكبيرة من صلاة العيدين» وذكر الأربعة الأُخرى في المناسك.

ويقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وذلك أدناه وإن زاد فهو أفضل بعد أن يختم على وتر. فيقول خمساً أو سبعاً، هكذا ذكر شمس الأئمة الحلواني وشيخ الإسلام خواهر زاده، هذا في حق المنفرد، وأما الإمام فلا ينبغي له أن يطول على وجه يُمل القوم؛ لأنه يصير سبباً للتغيير، وذلك مكروه، وكان الثوري يقول: ينبغي أن يقول ذلك خمساً حتى يتمكن القوم من أن يقولوا ثلاثاً، كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» والطحاوي في كتابه بقوله: إذا كان إماماً، بعضهم قالوا: يقول ثلاثاً، وبعضهم قالوا: يقول أربعاً حتى يتمكن القوم من أن يقولوا ثلاثاً، ثم لم يرد محمد رحمه الله بقوله، وذلك أدناه أدنى الجواز؛ لأن الركوع بدون هذا الذكر جائز في ظاهر الرواية، فإنما أراد به أدنى الفضيلة.

وروي عن محمد رحمه الله في غير رواية «الأصل» أنه إذا ترك التسبيح أصلاً أو أتى مرة واحدة يجوز ويكره، وكان أبو مطيع تلميذ أبي حنيفة يقول: كل فعل هو ركن يستدعي ذكراً فيه كان ركناً كالقيام، فقد أشار إلى أن تسبيح الركوع ركن.

ولكنا نقول: إن النبي عليه السلام علّم الأعرابي الركوع ولم يذكر له شيئاً، ولو كان التسبيح ركناً لبين؛ لأنه بين الأركان، ولو كان الإمام في الركوع فسمع خفق النعال هل ينتظر أم لا؟ قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة وابن أبي ليلى عن ذلك فكرهاه، وقال أبو حنيفة؛ أخشى عليه أمراً عظيماً يعني الشرك، وروى هشام عن محمد أنه كره ذلك، وعن أبي مطيع أنه كان لا يرى به بأساً، وقال الشعبي لا بأس به مقدار التسبيحة والتسبيحتين، وقال بعضهم يطول التسبيحات، ولا يزيد في العدد، وقال أبو القاسم الصفار: إن كان الجائي غنّياً لا يجوز له الانتظار، وإن كان فقيراً جاز له الانتظار.

وقال الفقيه أبو الليث: إن كان الإمام عرف الجائي لا ينتظره؛ لأنه يُشبه الميل إليه، وإن لم يعرفه فلا بأس بذلك؛ لأن في ذلك إعانة على الطاعة، وقال بعضهم: إن أطال الركوع لإدراك الجائي الركوع خاصة، فلا يزيد إطالة الركوع للتقرب إلى الله تعالى، فهذا مكروه؛ لأن أول ركوعه كان يقدر آخر ركوعه للقوم فهذا شرك في صلاته غير الله، فكان أمراً عظيماً إلا أنه لا يكفر؛ لأن إطالة الركوع ما كانت على معنى التذلل والعبادة للقوم، وإنما كان لإدراك الركوع، وعلى هذا يحمل قول أبي حنيفة، وإن أطال الركوع تقرباً إلى الله تعالى كما شرع فيه تقرباً إلى الله لا ليدرك الجائي الركعة، فيكون الركوع من أوله إلى آخره خالصاً له تعالى، فلا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>