للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يده بغير عقد إلا أن العين (٤٢أ٤) متقوم بعقد وبغير عقد، فمن قال بأن مكنه هذه في تلك المسألة يقول: هاهنا لا يتحالفان؛ لأن القاضي إما أن يفسخ الإجارة أو لا يقض بواحد من العقدين متى حلفا، ومتى فسخ الإجارة أو لم يقض بواحد من العقدين فإنه لا يجب رد القيمة؛ لأن العمل يبقي بغير عقد والعمل لا يتقوم بغير عقد، وإذا لم تجب القيمة لم يجب التحالف؛ لأن ثمرته التراد إما رد العين أو رد القيمة حتى يصل كل واحد منهما إلى رأس ماله فيجيء حق كل واحد منهما وها هنا يبطل حق القصار أصلاً، وهذا لا وجه له إنما ذكرنا اختلاف المشايخ على قول محمد رحمه الله في مسألة القصارة ولم يذكره في الصبغ وذلك؛ لأن اختلاف المتعاقدين في الصبغ ليس في موجب العقد بل فيما يغير موجب العقد لما ذكرنا أن موجب العقد في باب الصبغ حال اختلافهما في مقدار التسمية ما يكون موجب الصبغ لو حصل بغير عقد كأنهما اتفقا أن العقد على ذلك عقد ثم اختلفا فيما يغيره إلى زيادة أو إلى نقصان ومثل هذا الاختلاف في بيع العين لا يوجب التحالف متى لم توجد الدعوى والإنكار من الجانبين وفي فعل القصارة الاختلاف وقع في موجب العقد لا في المغير؛ إذ ليس ها هنا موجب آخر سوى التسمية والاختلاف متى وقع في مقدار المسمى فإنه يجب التحالف.

إذا أمكن رد المعقود عليه عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أو رد قيمته عند محمد.

فإن قيل: كيف يقال ليس للقصارة موجب والقصار متى قصر الثوب، فإن له أن يحبس الثوب بالأجر كما في الصباغ فإذا لحقت القصارة في حق الحبس بالصبغ فكذا في حق أن يجعل له موجب حال اختلافهما في مقدار التسمية يجب أن يلحق بالصبغ. والجواب عنه من وجهين:

الأولى: أن يقال: بأن القصارة إنما لحقت بالصبغ في حق الحبس لأن الحبس؛ إنما يكون حال قيام العقد والقصارة متقومة حال قيام العقد فإذا كان له أثر في الثوب وهو متقوم حال قيام العقد كان الأجر مقابلاً به فكان له الحبس بالأجر كما في الثوب المصبوغ، فأما في غير حالة العقد فلا قيمة له لما ذكرنا وإنما يجعل موجب العقد حال اختلافهما في مقدار التسمية ما يجب في غيرها حالة العقد كأنهما اتفقا عليه فإذا لم يكن لاتصال القصارة بالثوب في غيرها حالة العقد موجب لم يكن تحكيمه وجعله موجب العقد حال اختلافهما في مقدار الأجر فوجب اعتبار اختلافهما في مقدار المسمى.

والثاني: أن القصار يشبه الحمال والمكاري من حيث إنه ليس في الثوب عين مال قائم ويشبه الصباغ من حيث إن له عمل وأثر مال فوفرنا على الشبهين حظهما، فألحقناه بالحمال والمكاري في حق التحالف فلم يجب التحالف كما في المكاري والحمال وجعلنا القول قول صاحب المال وفي حق الحبس ألحقناه بالصبغ توفيراً على الشبهين حظهما هذا إذا اختلفا في مقدار الأجر.

وكذلك إذا اختلفا في حبس الأجر أنه دراهم أو دنانير أو في صفته أنه جيداً ورديء يتحالفان إذا كان الاختلاف قبل الشروع في العمل، وإن كان الأجرة عيناً إن اختلفا

<<  <  ج: ص:  >  >>