للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان كذلك ثتبت الهبة ولم يكن عليه أجر، فكذا هذا بخلاف ما إذا ادعى الساكن العارية وصاحب المنزل يدعى الإجارة وأقاما جميعاً، فإن البينة هناك بينة صاحب المنزل وفي الحقيقة لا فرق؛ لأنا نجعل كأن الأمرين كانا أجر منه ثم أعار منه بعد الإجارة إلا أن الإجارة لا ترتفع بالإجارة وترتفع بالهبة وهذا كله إذا لم يكن أقر الساكن بأصل الكراء.

فأما إذا أقر بأصل الكراء ثم ادعى الهبة أو العارية فإنه لا يصدق وعليه الأجر إلا أن يقيم بينة؛ لأن الإجارة تثبت بإقراره والهبة والعارية لم تثبت بمجرد دعواه إلا أن يقيم البينة على الهبة فحينئذٍ لا أجر عليه؛ لأن الهبة تثبت بالبينة وللمستأجر خيار الرؤية إن لم يكن رأى المستأجر اعتباراً لبيع المنفعة ببيع العين فإن اختلفا فقال صاحب الدار قد كنت رأيت وقال المستأجر: لم أر فالقول قوله، لأنه متمسك بالأصل فإن عدم الرؤية أصل فإذا حلف أنه لم يرها يردها إلا أن تقوم بينة أنه قد راًها.

رجل تكارى منزلاً من رجل في داره على أن أجره أن يكفيه وعياله نفقتهم ومؤنتهم ما دام في الدار، فالإجارة فاسدة؛ لأن الأجر مجهول فإنه لا يدري قدر ما يكفيهم وجهالة الأجر مما يوجب فساد الإجارة؛ فإن سكن كان عليه أجر المثل (٤٣ب٤) كما في سائر الإجارات الفاسدة؛ فإن قال المستأجر: أنفقت على عيالك وقال صاحب المنزل: لم تنفق فالقول قول صاحب المنزل؛ لأنه يدعى عليه الإيفاء؛ لأن ما أنفق على عياله بأمره يكون ديناً عليه وله عليه مثله فيلتقيان قصاصاً فيدعي الإيفاء من هذا الوجه وإنه ينكر، وإن أقاما البينة فالبينة بينة المستأجر؛ لأنه يدعي الإيفاء وبينته بالبينة ويحسب له ما قامت من البينة من أجر مثلها؛ لأن ما أنفق صار ديناً على رب المنزل وأجر المثل دين لرب المنزل عليه فيلتقيان قصاصاً.

رجل تكارى داراً شهراً بعشرة دراهم فسكنها يوماً أو يومين ثم تحول إلى دار أخرى كان للآجر أن يطالبه بأجر جميع الشهر؛ لأن الإجارة لازمة في الشهر فلا يملك فسخها إلا بعذر وأن يتحول من دار إلى دار أخرى لا يكون عذراً فإن قال إنما استأجرتها يوماً واحداً فالقول قوله؛ لأنه أقر بالإجارة في يوم وأنكر الإجارة في باقي الشهر، ولو أنكر الإجارة أصلاً ورأساً كان القول قوله، فكذا إذا أقر بالبعض وأنكر البعض، فإن أقاما البينة فالبينة بينة الآجر؛ لأنه يثبت الإجارة فيما زاد على اليوم ببينة.

وإذا استأجر من آخر داراً شهراً بدرهم فسكنها شهرين فعليه أجر الشهر الأول دون الشهر الثاني وقد مرت المسألة من قبل، فإن انهدم شيء من سكناه في الشهر الثاني يضمن ولا ضمان فيمن لا ينهدم من سكناه في الشهر الأول فإن اختلفا فيما انهدم فقال المستأجر: إنما انهدم من سكناك في الشهر الثاني فعليك الضمان، فالقول قول المستأجر مع يمينه؛ لأنه يدعي عليه ضمان ما انهدم وهو ينكر فيكون القول قوله والبينة بينة صاحب الدار؛ لأنه هو المدعي.

رجل تكارى بيتاً أو داراً على أن يسكنها شهراً فأعطاه صاحب المنزل المفتاح فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>