واحدة يجوز وتقع الإجارة على أول حدود من تلك الجباية كما لو استأجر دابة من محلة إلى محلة وفي الجنازة إنما لا يجوز إذا كان المصلى اثنين أو ثلاثة، ولا يدري إلى أيهم أجر أما إذا كان المصلى واحداً أو أكثر إلا أنه يعلم أنه إلى أيهم أجر يجوز.
وإذا استأجر دابة لسبع عليها رجلاً، أو لتلقى عليها رجلاً، لا يجوز لأن المعقود عليه في الدابة إنما يصير معلوماً إما ببيان مدة معلومة إذا كان الركوب مستغرقاً جميع المدة، أو بتسمية مكان معلوم، ولم يوجد واحد منهما. أما المدة فظاهر، وأما المكان فلأنه لم يذكر أنه إلى مكان يسعه وفي أي مكان يتلقاه فيبقى المعقود عليه مجهولاً. وهذه جهالة توقعهما في المنازعة، فلهذا لا يجوز.
ومن هذا الجنس إذا استأجر دابة من رجل كل شهر بعشرة، على أنه متى بدأ به من ليل أو نهار حاجة ركبها، فإن كان سمي بالكوفة ناحية من نواحيها فهو جائز، وإن لم يسم مكاناً لا يجوز؛ لأن المعقود عليه مجهول؛ لأن المعقود عليه في الدابة لا يصير معلوماً ببيان المدة إذا لم يكن الركوب مستغرقاً جميع المدة وإنما يصير معلوماً ببيان المكان، فأما إذا استأجر يوماً ليقضي بها حوائجه في المصر فهو جائز وإن لم يبين مكاناً، لأن الركوب هاهنا مستغرق جميع المدة فهو بمنزلة ما لو استأجر رجلاً يوماً للخدمة أو للخياطة وذلك جائز.
وإذا تكارى الرجل دابة من رجل على أن يركب مع فلان تسعه إلى مكان معلوم حتى جازت الإجارة، فحبسها من الغد إلى انتصاف النهار، ثم بدا للرجل أن لا يخرج فرد الدابة عند الظهر، فلا أجر لعدم تمكنه من استيفاء المعقود عليه في المكان الذي أضيف إليه العقد، وهل يضمن بهذا الحبس؟ إن حبسها قدر ما يحبس الناس لانتظار خروج ذلك الرجل لا يضمن، وإن كان أكثر من ذلك يضمن؛ لأن المالك لم يأذن بحبس لا يستوجب الأجر به، لكن قدر ما يحبس الناس لخروج ذلك يحتاج إليه فصار ذلك مستثنى عرفاً وبقي ما ورائه على أصل القياس.
وإذا تكارى الرجل دابة من الكوفة ليركبها إلى مكة أو إلى مصر آخر كان له أن يبلغ بها منزله سواء استأجرها للركوب أو للحمل وهذا استحسان. والقياس أن يقال: كما انتهى إلى أول حدود تلك البلدة تنتهي الإجارة.
وجه القياس: أن الإجارة وقعت إلى الكوفة لا إلى منزله، فإذا انتهى إلى أول حدود الكوفة، وجب أن تنتهي الإجارة كما لو استأجر في المصر من محلة إلى محلة، ونزل المستأجر في المحلة المشروط إليها، فإنه تنتهي الإجارة إذا انتهى أول تلك المحلة، ولا يبلغ بها منزله كذا هاهنا.
وجه الاستحسان: أن العرف الظاهر فيما بين الناس، أن من استأجر دابة إلى مصر أو قرية إنه يبلغ بها منزله، وكذلك في الأحمال العرف فيما بين الناس أنهم يبلغون حمولاتهم إلى منازلهم وحوانيتهم والعرف كالمشروط، هذا العرف معدوم في المحلة، والمعنى في ذلك أنه ربما تكون المسافة من المحلة المشروطة إليها إلى منزل المستأجر