المسألة: أن المستأجر إذا خالف فيما شرطه من الحمل على الدابة ينظر إن كان الجنس واحداً وضرر الثاني أقل من ضرر (٤٧آ٤) المشروط أو مثله، فلا ضمان؛ لأن الجنس إذا كان واحداً وقد استوى الضرران، أو كان ضرر أقل لم يوجد الخلاف إلا من حيث الصورة والخلاف من حيث الصورة، لا يكفي لوجوب الضمان، وإن كان ضرر الثاني أكثر من ضرر المشروط يجب الضمان بقدر الزيادة؛ لأنه في الزيادة خالف صورة ومعنى، وإن كان الجنس مختلفاً يجب ضمان كل الدابة، ولا يعتبر فيه قلة الضرر ولا كثرته؛ لأن هذا خلاف صورة ومعنى، لأن هذا الجنس له يدخل تحت العقد أصلاً، وصار الحال فيه بعد العقد كالحال قبله.
بيان هذا الأصل في تخريج المسائل: إذا استأجر دابة ليحمل عليها حنطة بكيل معلوم إلى مكان معلوم فحمل عليها شعيراً بمثل ذلك الكيل إلى ذلك المكان، وهلكت الدابة لا يضمن؛ لأن الشعير بمثل ذلك الكيل من الحنطة يكون أخف على الدابة من الحنطة، فهذا خلاف صورة لا معنى. وإن كان الشعير بمثل قدر الحنطة، وباقي المسألة بحاله يضمن؛ لأن الشعير بوزن الحنطة يكون أكثر كيلاً من الحنطة، فيأخذ من ظهر الدابة أكثر مما تأخذ الحنطة، فيكون هذا خلافاً صورة ومعنى.
وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في شرح كتاب «العارية» إذا استعار دابة عليها كذا مناً من الحنطة، فحمل عليها مثل ذلك الوزن من الشعير والسمسم والأرز إنه يضمن قيمتها. وذكر شيخ الإسلام * رحمه الله * في شرحه: أنه لا يضمن استحساناً، وهو الأصح؛ لأن ضرر الشعير مثل ضرر الحنطة في حق الدابة عند استوائهما وزناً؛ لأنه يأخذ من موضع الحمل من ظهر الدابة أكثر مما تأخذ الحنطة، فكان داخلاً تحت الإذن، وبه كان يفتي الصدر الشهيد رحمه الله.
ولو استأجرها ليحمل عليها عشرة أقفزة شعير، فحمل عليها خمسة أقفزة حنطة ضمن قيمتها، وقيل: فيه روايتان. وإذا استأجر دابة ليحمل عليها شعيراً بكيل معلوم، فحمل عليها حنطة بمثل ذلك الكيل ضمن قيمتها؛ لأن الحنطة بمثل كيل الشعير يكون أثقل على الدابة من الشعير، فيكون ضررها أكثر، فكان خلافاً صورة ومعنى وإن كان بمثل وزن الشعير لا يضمن فرق بين هذه المسألة، وبينما إذا استأجرها ليحمل عليها عشرة أقفزة شعير، فحمل عليها أحد عشر قفيزاً من شعير، حيث يضمن جزءاً من أحد عشر جزءاً من قيمتها إذا كانت الدابة مما يقوى على حمل أحد عشر قفيزاً، وفيما إذا حمل عليها حنطة بمثل كيل الشعير. قال: يضمن جميع قيمتها؛ لأن هناك المحمول عليه من جنس المسمى، فإنما هلكت الدابة بنقل أحد عشر قفيزاً وعشرة منها مأذون فيها والحادي عشر ليس بمأذون فيه، فيضمن بذلك المقدار، أما ههنا بخلافه.
وإذا استأجرها ليحمل عليها حنطة أو شعيراً بوزن معلوم، فحمل عليها لبناً أو رملاً أو حديداً، بمثل وزن الحنطة أو الشعير، ضمن؛ لأن الحنطة أو الشعير ينبسط على ظهر الدابة، والحديد والرمل واللبن يجتمع في مكان واحد، فيكون أدق بظهر الدابة، فيكون