للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجتنا حديث عمر رضي الله عنه، فإنه قال: «هذا المسجد بناه رسول الله عليه السلام، ويحضر فيه المهاجرون والأنصار فمن وجد فيه موضعاً سجد فيه ومن لم يجد فيه موضعاً سجد على ظهر أخيه» ، فلأن فيه ضرورة؛ لأن الزحام أصل في أداء الصلوات بالجماعات، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إنما يجوز إذا سجد على ظهر المصلي، أما إذا سجد على ظهر غير المصلي لا يجوز؛ لأن الجواز بحكم الضرورة، والضرورة لا تتحقق في حق غير المصلي؛ لأن غير المصلي لا يمكن في المسجد، وذكر المسألة في «العيون» على نحو ما روى الحسن، وذلك مرّ.... ولو سجد على فخذه إن كان بغير عذر، فالمختار أنه لا يجوز؛ لأن الساجد يجب أن يكون غير محل السجود، وإن كان بعذر فالمختار أنه يجوز، وهكذا ذكر الصدر الشهيد رضي الله عنه.

ولو سجد على ركبتيه لا يجوز بعذر أو بغير عذر، وإذا لم يضع المصلي ركبتيه على الأرض عند السجود لا يجزيه هكذا اختاره الفقيه أبي الليث؛ لأنا أمرنا أن نسجد على سبعة أعضاء، وفتوى مشايخنا على أنه يجوز؛ لأنه لو كان موضع الركبتين نجساً يجوز، هكذا ذكر القدوري في «كتابه» ، والفقيه أبي الليث لم يصحح هذه الرواية أنه لو كان موضع الركبتين نجساً أنه يجوز، وإذا بسط كُمه وسجد عليه أن.... يُبقي التراب عن وجهه يكره، ذلك؛ لأن هذا نوع يبقي التراب عن ثيابه ويسجد عليه لا يكره؛ لأن هذا ليس مكره.

وفي أول كراهية «النوازل» : رجل يصلي على الأرض ويسجد على حرفها وضعها بين يديه يبقى به الحر لا بأس به، وذكر عن أبي حنيفة رحمه الله أنه فعل ذلك، فمرّ به رجل وقال ما يُسبح لا تفعل مثل هذا، فإنه مكروه، فقال له أبو حنيفة: من أين أنت، فقال: من خوارزم، فقال أبو حنيفة: الله أكبر ما التكبير ... من الصف الآخر، ومراده إن علم الشريعة يحمل من ههنا إلى خوارزم، لا من خوارزم إلى ههنا والله أعلم.

ثم قال أبو حنيفة: في مساجدكم حشيش، فقال: نعم، فقال له أبو حنيفة: فيجوز السجدة على الحشيش ولا يجوز على الخرقة وإذا سجد رفع أصابع رجليه على الأرض لا يجوز، كذا ذكر الكرخي في «كتابه» والجصاص في «مختصره» .

وفي «النوازل» : إذا سجد على أرض الثلج إن لبد جاز؛ لأنه بمنزلة الأرض، وإذا لم يلبد وكان تغيّب وجهه فيه، فلا يجد حجمه لم يجز؛ لأنه بمنزلة الساجد على الهواء، وعلى هذا إذا لقي في المسجد حشيش كثير، فسجد عليه إن وجد حجمه يجوز وإلا فلا حجمه وإذا صلى على التبن أو القطن المحلوج، وسجد عليه إن استقر جبهته وأنفه على ذلك ووجد الحجم يجوز وإن لم تستقر جبهته لا يجوز؛ لأن في الوجه الأول هو في معنى الأرض، وفي الوجه الثاني لا.

وإذا سجد على ظهر ميت إن كان على الميت لبد، ولا يجد حجم الميت يجوز؛

<<  <  ج: ص:  >  >>