للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلك قياساً على ما إذا استأجر دابة ليحمل عليها شعيراً، فحمل عليها بمثل ذلك الكيل حنطة.

ولو استأجر حماراً عرياناً فأسرجه وركبه فهو ضامن. قال مشايخنا: إذا استأجره من موضع إلى موضع لا يمكن الركوب إليه إلا بسرج، نحو: إن استأجره من بلد إلى بلد لا يضمن؛ لأن الإذن بالإسراج يثبت دلالة، وكذلك لو استأجره ليركب في المصر، والمستأجر ممن لا يركب في المصر عرياناً، فلا ضمان ويثبت (٤٨أ٤) الإذن بالإسراج في حقه دلالة وإن كان المستأجر ممن يركب في المصر عرياناً فعليه الضمان إذا لم يثبت الإذن بالإسراج في حقه لا نصاً ولا دلالة ثم إذا ضمن يضمن جميع القيمة أو بقدر ما زاد لا ذكر لهذه المسألة في الأصل.

وقد اختلف المشايخ فيه بعضهم قالوا: يضمن بقدر ما زاد كما لو ركبها واركب مع نفسه غيره، وبعضهم قالوا: يضمن جميع القيمة وهو الصحيح لأنه بما صنع مخالف في الكل صورة ومعنى، فأما صورة فلأنه أمره أن يركبها عرياناً وقد ركبها مع السرج وأما معنى فلأن الركوب على السرج أضر بالدابة؛ لأن ثقل الراكب والسرج يجتمعان في مكان واحد فكان أدق لظهر الدابة، بخلاف ما إذا ركب وأركب مع نفسه غيره؛ لأن ثقل الآخر لم يجتمع في المكان الذي ركبه بنفسه.

ولو أستأجر دابة بغير لجام وألجمها، لا ضمان عليه؛ إذا كانت دابة تلجم مثلها؛ لأن اللجام في الأصل وضع لضبط الدابة عن السير، ولا بد للراكب من ذلك إذا كانت دابة تلجم مثلها، فيصير مأذوناً باللجام، حتى لو كانت دابة لا تلجم يصير ضامناً لإمكان الضبط من غير لجام، ولو كان عليها لجام فأبدلها بلجام آخر، فلا ضمان. هكذا ذكر القدوري في شرحه.

قال محمد رحمه الله: إذا استأجر من آخر دابة إلى الحيرة بدرهم، فجاوزتها إلى القادسية، ثم ردها إلى الحيرة، فنفقت فهو ضامن. قال: وكذلك العارية. هكذا ذكر في «الجامع الصغير» قيل: هذا إذا استأجرها واستعارها إلى الحيرة ذاهباً لا جايئاً. فأما إذا أستأجرها أو استعارها ذاهباً وجائياً وإذا ردها إلى الحيرة، ونفقت فلا ضمان عليه وهذا التفصيل على هذا الوجه مذكور في «الشروط» و «النوادر» . وقيل: هو ضامن في الوجهين. وإليه أشار في «الجامع الصغير» حيث أطلق المسألة إطلاقاً، ولقت المسألة أن المستأجر أو المستعير، إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق هل يبرأ عن الضمان؟ وقد اختلف المشايخ فيه، بعضهم قالوا: يبرأ كالمودع. وإليه أشار محمد رحمه الله في كتاب العارية، وبعضهم قالوا: لا يبرأ بخلاف المودع، وإليه أشار في «الجامع الصغير» . وهكذا أطلق المسالة في القدوري، وروى ابن سماعة عن محمد: أن المستأجر يبرأ بالعود إلى الوفاق.

وصورة ما ذكر ابن سماعة: رجل استأجر من آخر دابة أياماً معلومة، يركبها في المصر، فخرج عليها من المصر ثم ردها إلى المصر في تلك الأيام، فبقيت في يده لم

<<  <  ج: ص:  >  >>