موجب الإثم، فيتعطل العمل بالشبهين، فلهذا أظمها شبه أجير الوحد في حق الإثم، وفيما عدا ذلك من الأحكام ألحقناها بأجير المشترك.
ونظير هذا ما قلنا في باب الظئر إذا استأجر ظئراً شهراً لترضع ولده، كانت أجيرة وحد حتى لا يكون لها أن تؤاجر نفسها فإن أجرت نفسها، من قوم آخرين ولم يعلم الأولون حتى مضت المدة، وقد أرضعت ولد كل واحد فإنها تستحق الأجر كاملاً على كل واحدة منهما. ولا تتصدق بشيء من ذلك، وتأثم. وإن كانت أجيرة وحد، لأنها أوقعت العقد على المدة لا على العمل، إلا أن لها شبهاً بأجير المشترك في الرضاع من حيث إنه يمكنها إيفاء الرضاع إلى كل واحد منهما بتمامه فوقر ما على الشبهين حظهما، فقال: تأثم؛ لأنها أجيرة وحد، ولشبهها بأجير المشترك قلنا: تستحق الأجر كاملاً ولا تتصدق بشيء فكذلك (٤٥أ٤) هذا.
قال: ولو كان تبطّل يوماً أو يومين في الشهر، أو مرض يسقط الأجر بقدره؛ لأنه لم يسلم نفسه للرعي في مدة التبطل والمرض، وأجير الوحد إنما يستحق من الأجر بقدره؛ ولو دفع إليه غنمه ليرعى على أنه أجرها ألبانها وأصوافها، فإن هذا فاسد؛ لأنه استأجره بمجهول ومعدوم؛ لأن الأصواف والألبان الموجودة للحال مجهول المقدار، وما يزداد ويحدث بعد ذلك ساعة فساعة معدوم. وأحدهما مانع جواز الإجارة، فمجموعها أولى أن يمنع.
قال: ولو دفع رجل غنمه إلى راعي واشترط على الراعي جبناً معلوماً وسمناً معلوماً، وما بقي من ألبانها وسمونها وأصوافها، فهو للراعي فهذا فاسد؛ لأن فيه ما في الأول فإنه استأجره بمجهول ومعدوم؛ فإن ما بقي بعد المشروط مجهول ومعدوم، وفيه زيادة غرر ليس في الأول. وهو: أنه يجوز أن لا يبقى للراعي شيء بعد المشروط لربّ الغنم فكان في هذا الفصل زيادة منع ليس في الأول، فإذا لم تجز الإجارة في الفصل الأول فههنا أولى وما أصاب الراعي من ألبانها وسمونها فهو ضامن؛ لأنه استهلكها بحكم عقد فاسد، وله على صاحب الغنم أجر المثل؛ لأنه استوفى عمله بحكم إجارة فاسدة.
وإن دفع الراعي غنم رجل إلى غيره فأستهلكها المدفوع إليه، وأقر بذلك الراعي فإن لصاحب الغنم أن يضمن الراعي، وليس له أن يضمن القابض إذا لم يقر أن المقبوض ملك المدعي، ولم يقم للمدعي بينة، أما الراعي فيضمن؛ لأنه لا يخلو إما إن كان يعتبر أميناً أو ضميناً، وأي ذلك ما اعتبر لابد من إيجاب الضمان عليه متى دفع المال إلى من ليس في عياله. ولا يضمن القابض للمدعي؛ لأنه لم يثبت كون ما قبض القابض ملكاً للمدعي لا بإقرار القابض، ولا بالبينة لو ثبت إنما يثبت بإقرار الراعي، وإقرار الراعي أن ما دفع كان لغيره مقبول في حقه، ولا تقبل في حق المدفوع إليه إذا أنكر، فلم يكن له