للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوج والمولى، يجب عليه أن يحول بينهما فإذا استقضي لا يحول، قال: وألا ترى أن رجلاً لو رأى رجلاً يغصب ثوباً من غيره، وهو يقدر على نزع الثوب من الغاصب ورده إلى المالك يلزم النزع والرد عليه، فإذا استقضي لا يلزمه ذلك.

وأبو حنيفة رحمه الله، يقول في المسألة الأولى: إذا استقضي يحول بين الزوج والمولى، وبين المرأة والعبد، ولكن لا يقضي بالطلاق والعتاق كما كان يفعل قبل الاستقضاء، وفي المسألة الثانية يقول: إن رده لا على وجه الحكم فله ذلك، وهو فيما صنع مأجور، وإن رده على وجه الحكم فليس له ذلك، وهو فيما صنع مخطئ كما قبل القضاء.

فالحاصل: أن على قول أبي حنيفة ما كان له قبل القضاء وهو الحيلولة ورد الثوب لا على وجه الحكم، فهو باق بعد القضاء، وما لم يكن له قبل القضاء ليس له ذلك بعد القضاء، والحكم بذلك العلم لم يكن له قبل القضاء؛ فلا يجوز أن يستفيده، بتقلد القضاء.

ولو علم بحادثة وهو قاض، ولكن في مصر هو ليس بقاض فيه، ثم حضر مصره الذي هو قاض فيه، ثم رفعت إليه تلك الحادثة، وأراد أن يقضي بهذا العلم، فهو على الخلاف الذي مرّ، وهذا لأنه في المصر الذي ليس بقاض فيه بمنزلة واحد من الرعايا، فلا يكون علمه في ذلك المصر علم قضاء، فلا يصير علم قضاء بدخوله في المصر الذي هو فيه قاض.

ولو علم بحادثة وهو قاض، ولكن في رساتيق المصر الذي هو قاض (فيه) ، ثم دخل المصر، ورفعت إليه تلك الحادثة لا شك على قولهما أنه يقضي بذلك العلم.

فأما على قول أبي حنيفة رحمه الله اختلف المشايخ فيه، بعضهم قالوا: إذا لم يكن مقلداً على القرى حتى كان له أن يقضي في المصر، وليس له أن يقضي في القرى لا يقضي، بمنزلة ما لو علم بحادثة في مصر، هو ليس بقاض فيه، ثم رجع إلى مصره الذي هو فيه قاض، فأما إذا كان مقلداً على القرى، بأن كان في منشوره تقليد البلدة ونواحيها كان له أن يقضي؛ لأنه إذا كان مقلداً على القرى كما هو مقلد على النواحي، كان له أن يقضي في القرى كما له أن يقضي في البلدة، فإنما استفاد العلم في حال قضائه، فيقضي به، وهذا القول يرجع إلى أن المصر ليس بشرط لنفاذ القضاء، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله.

وقال بعض مشايخنا: وإن كان مقلداً على القرى ليس له أن يقضي بذلك العلم على قول أبي حنيفة رحمه الله؛ لأنه وإن كان مقلداً على القرى ليس له أن يقضي في القرى فما استفاد العلم في مكان قضائه، فكان علم شهادة لا علم قضاء، فلا يكون له أن يقضي بذلك العلم، وهذا القول يرجع إلى أن المصر شرط لنفاذ القضاء، وهو ظاهر رواية أصحابنا رحمهم الله، وهذا لأن القضاء من معالم الدين مختص بالأمصار كالجمعة والعيدين.

وفي «المنتقى» وما سمع خارجاً من المصر في أي وجه خرج لم يحكم به إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>