للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالوصي: من فوض إليه الحفظ والتصرف.

والقيم: من فوض إليه الحفظ دون التصرف.

وإذا عرفت الفرق بين الوصي وبين القيم، فإذا ادعى الوصي الإنفاق، فقد ادعى ما دخل تحت ولايته، فيقبل قوله، وكثير من مشايخنا سووا بين الوصي وبين القيم فيما لم يكن للضيعة منه بد، وقالوا: يقبل قول القيم في ذلك كما يقبل قول الوصي، وقاسوا على قيم المسجد، أو واحد من أهل المسجد إذا اشترى للمسجد ما لا بد منه نحو الحصير والحشيش والدهن، أو صرف شيئاً من غلات المسجد إلى أجر الخادم، لا يضمن لكونه مأذوناً فيه دلالة، فإنه لو لم يفعل ذلك يتعطل المسجد كذا ههنا، ومشايخ زماننا قالوا: لا فرق بين الوصي والقيم في زماننا، فالقيم في زماننا من فوض إليه التصرف والحفظ جميعاً كالوصي.٥

قال: وإن اتهم القاضي واحداً منهم، يريد به واحداً من الأوصياء فيما ادعى من الإنفاق على اليتيم، أو على الوقف، حلفه القاضي على ذلك، وإن كان أميناً كالمودع إذا ادعى هلاك الوديعة، أو ردها، قال بعض مشايخنا: إنما يستحلف إذا ادعى عليه شيئاً معلوماً؛ لأن الاستحلاف يصح على دعوى صحيحة ودعوى المجهول لا يصح.

وقال بعضهم: يحلف على كل حال؛ لأنه إنما يحلف نظراً لليتيم واحتياطاً له، وفي مثله يستحلف على كل حال، وإن أخبروا أنهم أنفقوا على الضيعة واليتيم من أموال الأراضي والغلات كذا وبقي في أيدينا كذا هذا القدر إن كان منهم معروفاً بالأمانة، فالقاضي يقبل منه الإجمال، ولا يجبره على التفسير؛ لأنه لو أجبره على التفسير ربما لا يمكنه الخروج عن العهدة مع صدقه في الإخبار، والإنسان قد يعجز عن حفظ حسابه وعن الخروج منها فيتضرر، وليس للقاضي ولاية الإضرار بالغير، ومن كان منهم متهماً، فالقاضي يجبرهم على التفسير شيئاً فشيئاً، ولا يقبل منه الإجمال، وليس تفسير الجبر ههنا الجبر وإنما تفسيره أن يحضره القاضي يومين أو ثلاثة ويخوفه، ويهدده إن لم يفسر احتياطاً في حق اليتيم، فإن فعل ذلك، ومع هذا لم يفسر، فالقاضي يكتفي منه باليمين ويتركه.

قال: وإن قال الوصي للقاضي المقلد إن القاضي المعزول حاسبه، فالقاضي المقلد: لا يكف عنه إلا بالبينة؛ لأنه يدعي بطلان حق المحاسبة على القاضي، فلا يصدق عليه إلا بحجة، وإن قال الوصي أو القيم: أنفقت على اليتيم، أو قال: على الوقف كذا من مالي وأراد أن يرجع بذلك في مال اليتيم، والوقف، لا يقبل قوله بخلاف ما ادعى الإنفاق من مال اليتيم أو من مال الوقف، حيث يقبل قوله في المحتمل؛ لأنه أمين فيما في يديه من مال اليتيم والوقف، ويدعي الخروج عن عهدة الأمانة بدعوى الإنفاق، من غير أن يثبت لنفسه استحقاق شيء، وقول الأمين في مثل هذا مقبول، فأما إذا ادعى الإنفاق من مال نفسه، فما ادعى الخروج عن عهدة الأمانة، بل ادعى الاستحقاق لنفسه على الصغير والوقف، ودعوى الاستحقاق لا يقبل من غير حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>