تعالى؛ لأنها عاملة لله تعالى احتياطاً لأمر الله تعالى، ومال الله تعالى مال بيت المال.
قال في «الجامع» : وكذلك إذا شهد شاهد واحد عدل، فالقاضي يمنع الزوج عن الدخول عليها استحساناً، وإنه يخالف ما ذكر في «الأصل» ، فقد ذكر في «الأصل» في هذه الصورة أن القاضي إن حال بينهما فهو حسن، ثم قال فإن زكيت الشهود فرق بينهما وإلا ردت المرأة على الزوج، فإن طالت المدة وطلبت من القاضي أن يفرض لها النفقة أو كان لها نفقة مفروضة لكل شهر، فالقاضي يفرض لها النفقة ويأمر الزوج بإعطاء المفروض.
ولكن إنما يفرض لها نفقة مدة العدة لا غير؛ لأنها إن كانت مطلقة فهي معتدة ولها نفقة العدة، وإن لم تكن مطلقة فهي منكوحة ممنوعة من الزوج لا لمعنى من جهة الزوج، هذا يوجب سقوط النفقة، ولكن النفقة كانت واجبة وقع الشك في سقوطها، فلا تسقط بالشك إلا أن هذا الشك في مقدار نفقة العدة، فأما الزيادة على نفقة العدة فقد تيقنا بسقوطها.
فإذا أخذت قدر (٨٥أ٤) نفقة العدة إن عدلت الشهود سلم لها ما أخذت؛ لأنه تبين أنها استوفت العدة وهي حقها، وإن ردت الشهادة وردت المرأة على زوجها رجع الزوج عليها بما أخذت؛ لأنه تبين أنها كانت منكوحة ممنوعة عن الزوج لا لمعنى من جهة الزوج تبين أنها ما كانت مستحقة للنفقة، وأن القاضي أخطأ في قضائه وأنها أخذت ما أخذت بغير حق.
قال محمد رحمه الله في عتاق «الأصل» : إذا ادعى العبد أو الأمة العتق على مولاه وليس لهما بينة حاضرة، فإنه لا يحال بينهما وبين المولى، لما ذكرنا أن في الحيلولة إزالة اليد واليد حق مقصود كالملك، فكما لا يجوز إزالة ملك الإنسان بمجرد الدعوى، فكذا لا يجوز إزالة يده بمجرد الدعوى.
وإن أقاما شاهداً واحداً، فإن قالا: الشاهد الآخر غائب عن المصر، فكذلك الجواب لما قلنا في الطلاق، وإن كان (حاضراً في المصر) ذكر أنه لا يحال بينهما أيضاً، وهذا الذي ذكره صحيح في حق العبد، أما في الأمة ينبغي أن يقال: إن حال بينهما فحسن على رواية «الأصل» ، وعلى رواية «الجامع» يحال بينهما على نحو ما ذكرنا في الطلاق، وهذا لأن عتق الأمة يتضمن حرمة الفرج كالطلاق، فكان الجواب في عتق الأمة نظير الجواب في طلاق المرأة.
وأما إذا أقاما شاهدين مستورين يحال بينهما جميعاً، إلى أن تظهر عدالة الشهود؛ لأن شهادة المستورين حجة في حق الله تعالى والعباد.
ألا ترى أن القاضي لو قضى بشهادتهما، بظاهر العدالة ينفذ قضاؤه بالإجماع، فيجوز إزالة يد المولى بشهادتهما، وهذا الجواب في الأمة يجري على إطلاقه؛ لأن في الأمة يحال بشهادة الواحد إذا لم يكن الشاهد فاسقاً، فشهادة المستورين أولى، وفي العبد محمول على ما إذا كان المولى مخوفاً عليه، يخاف منه الاستهلاك وتعيب العبد وكان